24 ساعة ـ عبد الرحيم زياد
في خطوة دبلوماسية لافتة، تقدم النائب أمين البوجديني، عضو البرلمان الإقليمي لبروكسل العاصمة عن حركة الإصلاح، بـ “اقتراح قرار يتعلق بالاعتراف بسيادة المملكة المغربية على الصحراء”.
ويأتي هذا الاقتراح في سياق دينامية دولية متزايدة تدعم المقترح المغربي للحكم الذاتي، ويسعى إلى حث الحكومة الفيدرالية البلجيكية على اتخاذ موقف رسمي يدعم سيادة المغرب على الصحراء.
سياق دولي متطور وتحديات إقليمية
يستند الاقتراح إلى مجموعة من الحيثيات القانونية والسياسية التي تبرز الحاجة الملحة لحل هذا النزاع، الذي يعتبر من أقدم النزاعات العالقة في العالم. ويشدد على أن النزاع، النابع من عملية إنهاء الاستعمار الإسباني غير المكتملة، يستلزم حلا سياسيا واقعيا وعمليا ومستداما ومقبولا للطرفين، وهو ما تؤكده قرارات مجلس الأمن الدولي المتتالية (مثل القرارات 1754، 2440، 2602، و2703).
وأبرز الاقتراح أن الأمم المتحدة ذاتها أقرت بضرورة التوصل إلى تسوية سياسية قائمة على التوافق، مستبعدة خيار الاستفتاء الذي اعتبرته غير قابل للتطبيق.
تحول في المواقف الدولية والرهان الأمني
يرتكز الاقتراح بشكل رئيسي على التحول الواضح في المواقف الدولية، حيث أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في دجنبر 2020 اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، وتبعتها في ذلك عدة دول عربية وإفريقية. كما أشاد بالمواقف الرسمية الفرنسية التي تؤيد مخطط الحكم الذاتي المغربي كقاعدة لحل النزاع، خاصة في رسالة الرئيس الفرنسي إلى الملك محمد السادس في دجنبر 2023.
كما شدد الاقتراح على المخاطر الأمنية في المنطقة، حيث تقع الصحراء في منطقة استراتيجية حساسة قريبة من الساحل، التي تشهد انتشارا للإرهاب والاتجار والاضطرابات.
ويرى أن “الصحراء تحت السيادة المغربية تعتبر حصنا ضد انعدام الأمن، نظرا لأن المغرب شريك مستقر وملتزم بمكافحة الإرهاب”، وأن “كيانا ضعيفا أو غير معترف به سيكون عرضة لتسلل الجهاديين”.
التنمية الاقتصادية والتعاون المستقبلي
سلط الاقتراح الضوء على الاستثمارات الضخمة التي قام بها المغرب في المنطقة، بما في ذلك إنشاء موانئ حديثة (الداخلة الأطلسي)، وطرق، ومطارات، وبنى تحتية، ومشاريع طاقات متجددة، بالإضافة إلى جهود تنمية السياحة وتربية الأحياء المائية. كما يرى أن هذا الدينامية الاقتصادية تصب في مصلحة السكان المحليين بشكل أكبر من “منظور دولة صحراوية مستقلة بموارد محدودة”.
ويعتبر الاقتراح أن النزاع المستمر منذ عام 1975 يعرقل التكامل المغاربي، وأن الاعتراف بالسيادة سيمكن من طي هذه الصفحة وفتح الباب أمام تعاون إقليمي (المغرب-الجزائر-موريتانيا) المجمد حاليا.
دعوة إلى الحكومة الفيدرالية والتعاون الثنائي
دعا الاقتراح، ضمن توصياته، حكومة إقليم بروكسل العاصمة إلى التعبير بشكل علني عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب كأساس جاد وموثوق لحل سياسي للنزاع. كما حث الحكومة الفيدرالية على الاعتراف رسميا بسيادة المغرب على الصحراء، في إطار حل يتماشى مع قرارات مجلس الأمن الدولي ويحترم حق تقرير المصير للشعب الصحراوي.
شمل الاقتراح كذلك، دعم تعزيز التعاون القضائي مع المغرب لمكافحة الجريمة العابرة للحدود والإرهاب. وطالب بنقل موقف مؤيد لحل سياسي واقعي ودائم في المحافل الدولية التي يمثل فيها إقليم بروكسل، وتعزيز علاقات التعاون بين الإقليم والمناطق المغربية، بما فيها الأقاليم الجنوبية، في مجالات التكوين، والاقتصاد الدائري، والتنقل، والثقافة، والتعليم، فور الاعتراف الرسمي بسيادة المغرب على الصحراء.
دعم جهود المغرب في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة
أكد الاقتراح على الاعتراف بالدور الاستراتيجي للمغرب كشريك رئيسي لبلجيكا في مكافحة الإرهاب وتعزيز استقرار منطقة الساحل والصحراء. كما دعا إلى تشجيع الحوار بين المجتمعات لتعزيز السلام والتفاهم المتبادل.
وأشار الاقتراح إلى الروابط التاريخية والثقافية والاقتصادية والإنسانية المتينة بين المغرب وبلجيكا، مؤكدًا أن الوضع الراهن يشكل مصدرا لعدم الاستقرار وعائقا أمام التكامل الإقليمي. كما أوضح أن التسوية السلمية القائمة على التوافق يجب أن تتجاوز أي نهج أيديولوجي أو أحادي الجانب لتحقيق الحل المنشود.