للتعريف بعادات وتقاليد القبائل الصحراوية بالأقليم الجنوبية للمملكة، تنشر جريدة “24ساعة” سلسلة حلقات من إعداد محمد فاضل أحمد الهيبة الباحث في الثرات الصحراوي، تضم مختلف المواضيع في العديد من المجالات والتي لها علاقة بتاريخ وحاضر المنطقة الجنوبية للمملكة.
الحلقة الثالثة:
“الثقافة الحسانية.. التداوي بالأعشاب في الصحراء”
في كل بيوتات أهل الصحراء صيدليات متكاملة من الاعشاب الطبية ، يستعملها المرضى وتُعدّ بالعشرات ولازالت حتى اليوم هي البديل الشافي للعديد من الأمراض ، يتقدمها ” الطلح ” و ” أتِيل ” و” أوريورْ ” و” أجدارِي ” و” الزّ _ وّاية ” بتغليظ الزاي و” الگرْزيم ” و” الغردگْ ” و” الطفسة ” و” تزوكنِيت ” وهي كلها تنبت بشكل طبيعي في البادية .
إشتهرت عائلات تستعمل الاعشاب للتداوي البديل ومن أشهرها عائلة أهل ” أوفى ” وأهل ” المقري ” وإشتهرت كذلك قبيلة أولاد بوعيطة باستعمال التداوي التقليدي ، حتى أنا نجد الآن شيوخ وصلوا من العمر ماشاء الله لم يستعملو في حياتهم أي أدوية مصنعة بشكل نهائي .
وتميّز ول العيساوي في اجراء عمليات جراحية تكللت جميعها بالنجاح باستعمال” دسم لغنم ” وقطع ” النيلة ” الشهيرة والذروة ” ( شحوم الابل ) ، ويبقى ” دسم لغنم” سيد الطب في الصحراء ويُصنع من زُبدة الغنم بعد جمعها بكميات وافرة وتترك بعد ذلك في إناء لمدة أقلها خمسة أيام بعد ذلك توضع مرة أخرى فوق نار هادئة يضاف اليها القليل من دقيق المگلي وبعض من عشبة تزوكنيت ويستعمل في الخلط عيدان رقيقة تخصص للعملية التي تُسمى الذوابة بعد ذلك يُصفى الخليط من الشواىب ليبقى دسماً صافيا يُستعمل في الأكل والتداوي .
واشتهرت نسوة كطبيبات تقليديات بالصحراء وأمتهن خصوصاً طبابة الأطفال كالسيدة عيدة التي لاتزال رغم تقدمها في السن تمارس مهامها باتقان كبير ، وتركت الساحة المرحومة نْصيرو منت أبك بعد أن تداوى على يديها العديد من النساء ، ليبصمن على دور المرأة الكبير في مجتمع البيظان .
إهتمت مؤخراً جمعيات المجتمع المدني بالاعشاب الصحراوية ، وإشتغلت على دراستها علمياً بشكل كبير وأصبحنا نشاهدها اليوم مُعلبة ومُعرفة ” كتغية” و ” تاجماخت” و ” گناتْ ” و ” العلك” و ” المروثْ ” ، ورغم هذا الاهتمام لايزال ينقصه الكثير في ظل غياب مختبرات طبية تشتغل على هذا الموروث الهام ، وحتى معارض وطنية ودولية مختصة من شأنها تعريف الجمهور بهذه الادوية المنتجة طبيعياً.
ويزداد الاقبال في رمضان على هذه الاعشاب بشكل كبير في الصحراء لكثرة ألامراض المرتبطة بزيادة الغذاء بعد صيام نهار طويل، وهي عادات تبقى غير محمودة .