للتعريف بعادات وتقاليد القبائل الصحراوية بالأقليم الجنوبية للمملكة، تنشر جريدة “24ساعة” سلسلة حلقات من إعداد محمد فاضل أحمد الهيبة الباحث في الثرات الصحراوي، تضم مختلف المواضيع في العديد من المجالات والتي لها علاقة بتاريخ وحاضر المنطقة الجنوبية للمملكة.
الحلقة الرابعة:
“لباس أهل الصحراء”
يلبس الرجال في الصحراء الدرَّاعة وهو ثوب أنيق يُستورد من معامل النسيج الألمانية أشهرها شركة گيدزنر التي تعتمد القطن المصري الفاخر في صناعتها ويُسمى ” بزانْ ” ، وهي عشرة أمتار يتوسطها جيب كبير بجوانبه زخرفات أبدع الصانع التقليدي في إخراجها بأنواع من الخياطة الجميلة أجودها باليد ، وتستغرق من الوقت عشرة أيام عكس المصنوعة بالماكينات والتي لاتستغرق سوى يومين فقط .
وفي الماضي كان ثوب البزان يطلق عليه إسم ” لمظلع ” وكذا ” بلمان ” في ما كانت دراريع بيضاء من الجهة الموالية للجسد والجهة الاخرى لونها أزرق تسمى دراريع ” بَاخَ” ، ( واللون الازرق عند مجتمع البيظان يطلق عليه ” اللون لخظرْ ) ، هذه الدراريع تخيطها النساء فقط ويطلق على الثلاثين مترا منه إسم ( بيصة ) ، ويلبسها علية القوم فقط.
الآن وبعد المكننة أبدع الخياطون الموريتانيون والسينغاليون في أشكال بديعة أضفت جمالية على الدراعة ، وأصبح الاقبال على خياطة ” لكوَرْ ” ( نسبة الى قبائل وولف السنغالية ) في تزايد كبير السنوات الخمسة الاخيرة ، وتتراوح أثمانها بين الفين الى خمسة الاف درهم ، ورغم إغراق الاسواق بالاثواب ( بزان ) الصينية الرخيصة الا أن الزبون يُميز أنواعها ، وتبقى الاشارة ان الدراعة أصولها إفريقية جاءت حسب بعض الروايات عبر طريق الحرير من مالي مع قوافل الملح .
وتلبس النساء في الصحراء ” الملحفة ” وهي ثوب يُستورد بعضه من موريتانيا وتشتهر مدينة كيهيدي بإنتاجه وصباغته تقليدياً بعد إستيراد الثوب الاصلي ( المادة الأولية ) من دول آسيا ، وتباع بالاسواق إبتداء من 300 درهم الى 1000 درهم أما انواعها الاخرى المستوردة من الصين بكميات كبيرة فهي ” ملاحف گاز ” وتباع ابتداء من 50 درهم وتتميز بقوتها والوانها الزاهية المتعددة ، وهناك ملاحف ” كنيبة ” الفاخرة وتباع ابتداء من 700 درهم وتنتج أغلبها المعامل الهندية والاندنوسية وهناك كذلك ملاحف ” بيرسي ” وكج ” اكنيبة ” ويوفرها التجار في الاسواق بانتاجات جديدة كل شهر بأثمان تبتدأ بمائتا درهم الى ثلاثمائة درهم ، يفرض ُ أهل الصحراء لباس الملحفة على البنت مجرد بلوغها .
وتتربع على عرش ملاحف النساء ، ملحفة ً النيلة ” وهي تطلق مادة شديدة الزرقة تصبغ جسد المرأة بالكامل ، تلبسها العروس مع ثوبها الابيض في الصحراء وتستورد أفخمها وتسمى محليا ” ملحفة لنصاصْ” من تيندوف بالجزائر لإهتمام المرأة الازوادية بلبسها رغم ان بلد منشئها بالهند ، وتتراوح أثمنتها بين الفين وثلاثة الاف درهم ، رغم تواجد انواع رخيصة بالسوق لاتتعدى 100 درهم ، ونلاحظ هنا أن المادة الاولية للباس أهل الصحراء وخصوصا النسوية منها مستوردة جميعها من الخارج .
يحرص أهل الصحراء من الرجال على لبس الدراعة في جميع مناسباتهم وخصوصا في رمضان ، أما النساء فتلبس الملحفة إجباريا منذ بلوغ الفتاة سن الصيام ، وتبقى أنواعها المخملية حاضرة في المناسبات الكبرى ، وتحرص المرأة على لبس أجملها في جولات صلة الرحم المسائية شهر الصيام .
بالعيون إشتهر شارع اسكيكيمة وسط المدينة ببيع جميع أنواع الدراريع المستوردة وحتى المصنوعة محلياً ، وكذا محلات بيع الملاحف بجميع أشكالها ويزداد الاقبال عليه أيام الاعياد بشكل كبير خصوصا عند اقتراب عيد الفطر