24ساعة-متابعة
قال عبد الرحيم الجامعي النقيب السابق للمحامين بهيئة الرباط، في لقاء نظمه قطاع المحامين لحزب التقدم والاشتراكية بالدار البيضاء، “لقد انتظر المجتمع المغربي أكثر من 15 سنة بعد إقرار الدستور، وأكثر من 10 سنوات بعد انتهاء أشغال هيئة إصلاح منظومة العدالة، دون تسريع الإصلاحات القانونية المرتبطة بالعدالة الجنائية، وذلك لأسباب سياسوية”، متسائلا “لماذا صمتت الحكومات المتعاقبة عن تسريع التشريع الجنائي؟”.
واعتبر الجامعي، خلال مناقشته لمشروع المسطرة الجنائية، أنه على الرغم من التصويت على هذا القانون بالإجماع إلا أن المسطرة فعلا صدمت المجتمع والأطر القانونية، وأنها في كل الأحوال ستخلق نقاشا وسخطا حقوقيا.
وشدد النقيب السابق بهيئة المحامين بالرباط، على أنه العيوب السياسية الضخمة بالبلاد راجعة في الأساس إلى التراجع عن مشاريع قوانين طرحت منذ عام 2013، إذ تأتي الحكومات المتعاقبة لتتراجع عنها، فهل سيتم التراجع عن هذا النص أيضا رغم بدء مناقشته؟، هناك مخاوف من أن يتم تأجيل المشاريع وإيداعها في “مقبرة” الأمانة العامة للحكومة.
وأضاف الجامعي قائلا، “نحن بحاجة إلى عدالة تؤطرها قوانين حديثة وديمقراطية تساهم فيها جميع الفئات، لصناعة التشريع، وخاصة التشريع الجنائي”، ملفتا أن وزير العدل صرح بأن من ساهموا في إعداد هذا المشروع هم الحكومة، الأمن، إدارة السجون، رئاسة الحكومة، وزارة العدل، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
لكن أين القضاة؟ أين المحامون؟ الوزير يقول إن المحامين سيناقشون المشروع لاحقًا، لكن لماذا لم يكونوا جزءا من عملية الإعداد؟ هذا يعني أن المشروع تم إعداده بعقلية سياسية وأمنية، وليس بعقلية حقوقية وقضائية”، مؤكدا “عندما أقرأ هذا النص، أشعر بالألم، لأن وجهات النظر فيه محدودة”.
وأشار النقيب إلى النقطة المتعلقة بالإثبات، إذ لدينا مشكلة في العدالة الجنائية تتجلى في محاضر الشرطة القضائية والدرك الملكي. فهذه المحاضر هي الوسيلة الأساسية التي تستند إليها المحاكمة، لكنها تحرر خارج الرقابة، وغالبا ما يتم التوجيه فيها عبر التعليمات الهاتفية بين النيابة العامة والضابطة القضائية.
وأضاف أن القانون الحالي ينص على أن الاعتراف المنتزع بالإكراه لا يعتد به، لكنه لا ينص بوضوح على بطلان المحضر في حال ثبوت التعذيب. يجب أن يكون هناك نص صريح يقضي ببطلان المحضر في مثل هذه الحالات.
وأشار إلى أن النيابة العامة منحت سلطة واسعة في تحريك الدعاوى، في حين تم تقييد دور المجتمع المدني في تقديم الشكايات أمام القضاء. هذا يتناقض مع دور الجمعيات الحقوقية والصحافة في كشف الجرائم، كما يحدث في الدول الديمقراطية حيث تلعب هذه الجهات دورًا رئيسيًا في تحريك الدعاوى ضد الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان.
وأبرز أن هذا المشروع يثير قلقا كبيرا بشأن استقلالية القضاء وضمانات المحاكمة العادلة. لا يمكننا السماح بإقرار نصوص تضعف حقوق المتهمين وتعزز سلطات النيابة العامة على حساب قضاء التحقيق. نحن بحاجة إلى إصلاح عميق لمنظومة العدالة، وليس مجرد تعديلات شكلية تعيد إنتاج نفس الإشكاليات السابقة.