كلما خرج ذئاب داعش، فرادى أو جماعات، ليعيثوا في ساحات أوروبا وشوارعها فسادا ويستحلوا دماء الأبرياء العابرين، يصبح لزاما على المغاربة أن يتوقعوا الأسوأ خشية أن يكون القتلة الإرهابيون من “أصول مغربية”، كما لو أن غريزة القتل والإرهاب العشوائي موجودة في جينات المغاربة منذ الأزل.
وحين تصر السلطات الأوروبية على تذكيرنا بشجرة أنساب الدواعش دون الإقرار بكونهم نتاجا أوروبيا صرفا، يصبح تملصها من المسؤولية لعبة مبتذلة وبالغة السخافة.. فحتى الآن لم يقدم مغربي واحد على العبور إلى الضفة الشمالية للمتوسط لتحقيق حلمه بدخول الجنة التي وعده بها أبو بكر البغدادي.
إن إلقاء التهمة على “الجذور” لا يعدو أن يكون محاولة بئيسة لتبرير ما لا يبرر، فضلا عن أنها محاولة لتبرئة الفاعل من تحمل النتائج المترتبة عن انحرافه السلوكي والعقدي. وإذا كنا لا نقيم وزنا لجذور وانتماءات القتلة والإرهابيين والمنحرفين الذين يروعون العالم، فإن المنطق يقتضي أن نرفع تهمة التورط في الانتماء العرقي من لائحة المبررات التي تعلنها السلطات الأوروبية كلما ضاق بها الحال، إثر تعرضها لـ”نيران صديقة” أو طعنة في الظهر من طرف مواطنين ينتمون إليها، مولدا وتربية وسلوكا، صرفته هرطقات داعش عن استبيان طريقه القويم.
وإذا كنا لا نملك إلا أن نفاخر بالانتماء المغربي لمغاربة المهجر، الذين أثروا فضاءات أوروبا بعلمهم وفكرهم ودرايتهم السياسية ومبادراتهم الاقتصادية الخلاقة، فإن محاولة إثقال ضمائرنا بالذنوب التي يرتكبها الدواعش الأوروبيون “ذوو الأصول المغربية” تذهب في اتجاه يفضي إلى عدم الإقرار بالمسؤولية الفردية. والحال أن كل قوانين الوراثة القهرية، في مثل هذه الحالات، تظل باطلة ومضللة بقدر ما تسعى إلى تعليق التهم على تاريخ الأفراد، دون اعتبار حاضرهم وواقعهم المعيش.