الرباط-عماد مجدوبي
تلقت الجزائر ضربة دبلوماسية جديدة، برفض الصين إدراج جبهة ”البوليساريو” الانفصالية، في قائمة المشاركين في منتدى التعاون الصيني الإفريقي (كوفاك)، الذي ينعقد في العاصمة الصينية بكين، مؤكدة بذلك بوضوح دعم المنتدى لوحدة الأراضي المغربية.
دعم دولي متزايد للمغرب
هذا القرار الصيني يمثل تأييداً قوياً للمقترح المغربي للحكم الذاتي الموسع في نزاع الصحراء المفتعل، والذي حظي بدعم دولي واسع النطاق. وقد حضر قمة المنتدى وفد مغربي رفيع المستوى برئاسة رئيس الوزراء عزيز أخنوش، والذي أجرى مباحثات مثمرة مع نظرائه الأفارقة والصينيين.
يأتي هذا التطور في ظل دعم دولي متزايد للمغرب في قضية الصحراء المغربية، حيث أعلنت العديد من الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا تأييدها للمقترح المغربي. كما ساهم تعزيز التعاون الاقتصادي بين المغرب والصين في تعزيز مكانة المغرب على الساحة الدولية.
انتكاسة لجبهة البوليساريو
من جهة أخرى، يمثل هذا القرار انتكاسة كبيرة لجبهة البوليساريو والجزائر، فرفض إدراج الجبهة في المنتدى يؤكد على عدم الاعتراف بها ككيان سياسي مستقل على المستوى الدولي.
يشير هذا التطور إلى تحول في موازين القوى، حيث يزداد عزلة جبهة البوليساريو وتزداد قوة الموقف المغربي. كما يعزز هذا التطور من فرص التوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع المستمر منذ عقود.
تم تمثيل البلدان الأفريقية على أعلى مستوى في القمة، على الرغم من أن بعض حالات الغياب لفتت الانتباه. ولم تتم دعوة جبهة ”البوليساريو” إلى هذا الحدث الدولي الهام ، كما أفادت وسائل الإعلام المختلفة، وهو ما يمثل، وفق مراقبين، تأييدا هاما لوحدة الأراضي المغربية وضربة موجعة مباشرة لأطروحة الانفصال، التي تقف وراءها الجزائر وصنيعتها ”البوليساريو”.
حضور مغربي وازن في القمة
وقد مثل ملك المغرب محمد السادس في هذا الحدث الهام رئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش. كما حضر اللقاء وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الذي كثف خلال السنوات الأخيرة أجندته لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين المملكة المغربية ومعظم دول العالم وفي القارة الإفريقية على وجه الخصوص، محققا دعما إقليميا واضحا.
أتاح الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة فرصة التباحث مع العديد من نظرائه ودراسة السبل والوسائل الكفيلة بتعزيز السلام والاستقرار والتنمية في القارة الإفريقية عبر الوسائل الفعالة. التعاون جنوب – جنوب، وكذا من خلال التعاون الثلاثي مع الصين في إطار منتدى التعاون الصيني الإفريقي، تنفيذا لتعليمات الملك محمد السادس.
ويمثل منتدى التعاون الصيني الإفريقي شراكة وثيقة الصلة بين الصين والقارة الإفريقية، تقوم على المبادئ الأساسية للتضامن والتعاون واحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها، الأمر الذي حد من الضغوط التي تمارسها الجزائر التي سعت لحضور البوليساريو في هذا الحدث. واعتبر العديد من المحللين ذلك بمثابة رفض واضح لطرح البوليساريو الانفصالي.
انتكاسة دبلوماسية جديدة للجزائر
في المقابل، يعكس رفض الصين الدعوة انتكاسة جديدة لجهود الجزائر وجبهة البوليساريو لنشر التوجهات الانفصالية في مؤتمرات قمة رفيعة المستوى.
ففي المنتدى الإندونيسي الإفريقي الذي انعقد من 1 إلى 3 شتنبر 2024 في بالي، لم تحضر ”البوليساريو” التي ترعاها الجزائر أيضا، ولا في القمة الكورية الجنوبية الإفريقية في يونيو.
وفي هذه القمم المهمة، التي تهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية والسياسة السلمية والمستقرة، شاركت جميع الدول الأفريقية، لكن الجمهورية الوهمية لم تكن لديهما دعوة رسمية.
ورفضت الصين تواجد جبهة البوليساريو في هذا المنتدى المهم بين الصين وإفريقيا، كما حدث في المنتدى الإندونيسي الإفريقي، رغم محاولات الجزائر فرضه عبر الضغوط الدبلوماسية.
وبحسب مصادر متطابقة، فإن الجزائر خططت للتحضير للقمة من خلال اتصالاتها مع العملاق الآسيوي، واستقبل وزير خارجيتها أحمد عطاف سفير الصين في الجزائر يوم 22 غشت. وأشار بيان رسمي لوزارة الخارجية الجزائرية إلى أن اللقاء “يندرج في إطار التحضير لمشاركة الجزائر في أعمال قمة منتدى التعاون الإفريقي الصيني”. لكن مساعي الجزائر لإقناع الجانب الصيني بإدراج جبهة ”البوليساريو” في هذا الاجتماع باءت بالفشل، بعد أن اكتفت الصين في قائمة المشاركين على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وسبق للصين أن رفضت كل محاولات الجزائر وجنوب أفريقيا، وهي معقل آخر لدعم للجبهة، لدعوة هذا الكيان الانفصالي إلى فعاليات تقام في الصين أو في دول أفريقية، وهو ما يعكس الموقف الصيني المؤيد لوحدة أراضي المغرب واحترامه للقرارات الدولية ذات الصلة، واستمرار سياسة بكين تجاه قضية الصحراء المغربية، وهي سياسة تقوم على احترام الشرعية الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهو الموقف الذي يتمسك به العملاق الآسيوي في العديد من القضايا الدولية الأخرى.
إن رفض إدراج جبهة البوليساريو في منتدى التعاون الصيني الإفريقي انتكاسة للأطروحات الانفصالية، والرفض الصيني يديم فشل جهود الجزائر وجبهة البوليساريو في زعزعة الوحدة الترابية للمملكة.