24 ساعة- متابعة
شرعت الجزائر رسميا في استغلال أكبر منجم ”نائم” للحديد في العالم والذي تقدر احتياطاته بـ 3.5 مليار طن. وأثار استغلاله جدلا واسعا لكون الجزائر أقدمت على خرق اتفاقية تعاون وقعتها مع المغرب تهم المنجم، وذلك تزامنا مع الاتفاقية التي وقعها الراحلين الملك الحسن الثاني والرئيس الجزائري الهواري هواري بومدين، بشأن ترسيم الحدود أو ما يسمى بـ ”اتفاقية تلمسان”.
في هذا الصدد، يرى سمير بنيس مستشار دبلوماسي والخبير في العلاقات الدولية، أن إسناد استغلال منجم غارة ”جبيلات”، المتواجد على بعد 143 كيلومترا جنوب تندوف، لشركات صينية، يدخل في ”إطار القرارات التي يتخذها النظام الجزائري لجر المغرب لمستنقع التصعيد والمواجهة، وهذا دليل آخر على أن الجزائر لا تلتزم بالمعاهدات التي توقعها مع المغرب، لأن اتفاق ترسيم الحدود مرتبط بشكل وثيق باستغلال مناجم العديد المتواجدة في تلك المنقطة”.
وأوضح بنيس أن أي اتفاق مع أي طرف بخصوص استغلال تلك المناجم، ”سيكون مخالفا للقانون الدولي، لأن الجزائر ملزمة باتفاقية التعاون التي أبرمتها مع المغرب بتاريخ 15 يونيو 1972 حول استثمار منجم غارة جبيلات. وحسب التفاهم الذي توصل إليه الملك الحسن الثاني والرئيس الجزائري هواري بومدين، فقد تخلى المغرب بموجب هذه الاتفاقية واتفاقية ترسيم الحدود – التي تم التوقيع عليها نفس اليوم-عن تندوف وبشار مقابل دعم الجزائر للمغرب في ملف الصحراء والاستغلال الثنائي لتلك المناجم بنسبة 50 في المائة لكل طرف”.
وأبرز ذات المحلل السياسي أنه ”بموجب الاتفاق كان على البلدين إنشاء شركة مشتركة لاستغلال مناجم الحديد أطلق عليها الشركة الجزائرية-المغربية (برأسمال مليوني دولار) وإنشاء معبر لتصديرها عبر ميناء سيدي افني جنوب المغرب”.
وشدد على أنه بموجب هذه الاتفاقية، التزمت الجزائر بتمكين هذه الشركة باستغلال 700 مليون طن من الحديد لمدة 60 سنة. وحسب المادة 13 من الاتفاق، يتم توزيع أرباح الشركة بالتساوي على المساهمين في الشركة من كلا البلدين.
وحسب المادة 17 من الاتفاق الذي نشرته الجزائر في جريدتها الرسمية عام 1973، ففي حال وقع نزاع بين الطرفين بخصوص تأويلها أو تطبيقها وفقا لمعاهدة إفران (أي اتفاق ترسيم الحدود)، يتم رفع النزاع إلى محكمة العدل الدولية للبث فيه.
وأكد أنه حتى وإن حاولت الجزائر ”استفزاز المغرب عن طريق هذه الخطوة، فإن أي طرف سيدخل في صفقة استغلال تلك المناجم، سيستنتج أن استغلالها لن يكن مربحا من الناحية الاقتصادية، لأنه سيتعين عليه قطع مسافة 1600 كيلومتر لنقل الحديد من هناك إلى ميناء وهران، وهو ما سيجعل تكلفة الاستغلال باهظة هذا دون الحديث عن أن الحديد المتواجد هناك يعتبر أقل جودة بالمقارنة مع الحديد الذي تمتلكه موريتانيا”.
وأبرز أنه في عام 1965، أجرت قامت الشركة الجزائرية للبحوث واستغلال المناجم دراسة استنتجت من خلالها أن الحل الوحيد لجعل استغلال تلك المناجم مربحا من الناحية الاقتصادية هو أن يتم نقله إلى اقرب ميناء يوجد في المنطقة. وبعدما قامت بدراسة 84 مقترح لبناء معابر لنقل الحديد، أكدت أن الطريقة الوحيدة لاستغلالها هي بناء سكة حديدية بي المنجم وميناء سيدي افني، أي على مسافة لا تفوق 400 كيلومتر عوض 1400 كيلومتر الذي يستلزمها لنقل الحديد إلى ميناء وهران.
وكانت هذه المعيقات اللوجستية؛ وفق بنيس؛ هي التي دفعت الرئيس الجزائري آنذاك، هواري بومدين، إلى التفاهم مع الملك الحسن الثاني عقب لقاء أجراه الطرفان في مدينة تلمسان في شهر ماي 1970، وهو ما مهد الطريق للتوقيع على اتفاق عام 1972. إلا أن الجزائر، حتى تبقى وفية للتقليد الذي سنته في علاقاتها مع المغرب منذ استقلالها، سرعان من نقضت العهد ولم تلتزم بالاتفاق سواء تلعق الأمر بالشق المرتبط باستغلال مناجم غارة جبيلات أو بدعم الموقف المغربي بخصوص الصحراء أمام إسبانيا.