هيئة تحرير “24 ساعة” المغربية – الرباط
لم يكن يتوقع طاقم جريدة “24ساعة” المغربي، المشهود له بالمهنية والمصداقية، من العدو قبل الصديق، أن حوارا ودردشة بسيطة، أجريناها مع الباحث والأكاديمي الإسرائيلي إيدي كوهين، ستقيم الدنيا ولا تقعدها لدى القيادة الجزائرية، لم نكن نتوقع أن يعلن العسكر الحاكم ما يشبه النفير العام في مواقعه وجرائده الورقية، ردا على ما اعتبر هناك مهاجمة من الصحافة المغربية للجزائر ورئيسها عبد المجيد تبون.
ونحن هنا لسنا بصدد الرد، فلا يمكن الرد على السب والشتم وإلا أصبحنا في نفس المنزلة، بل فقط أردنا توجيه رسائل بسيطة، نتمنى صادقين أن تضعوا بزتكم العسكرية جانبا، ومحاولة فهم كل كلمة قادمة.
إلى الجنرال المتقاعد وأقلامه “النهارية” منها و”الشروقية”،
ندرك جيدا أن المعلومة التي قدمها ضيف الحوار، أصابتكم في مقتل، لأنها كشفت زيف الشعارات، وكشفت حجم الخديعة التي تمارس على الشعب الجزائري الشقيق، بل وكشف أن حكامه سواء من هم في الواجهة كالرئيس تبون، أو من يحكمون فعليا من خلف الستار، كالجنرال “السعيد” شنقريحة، يمارسون الازدواجية والتنويم تجاه الشعب المغلوب على أمره، والذي حاول المطالبة بالتغيير، فتم الالتفاف على مطالبه، بحركات بهلوانية عبر تقديم أسماء للمحاكمة، بل إن تلك المحاكمات نفسها كشفت ما كان مستورا، ولا دليل على ذلك إلا تصريحات الوزير الأول السابق سلال، الذي فصّل في كيفية تبذير أموال الغاز في اتجاه واحد، مهاجمة المغرب، عوض تسخيرها لتنمية الجزائر والرفع من المستوى المعيشي للشعب الجزائري المسكين.
فالمهنية الصحافية، تقتضي الرد على المعلومة التي قدمها كوهين، والتي تفيد بطلب تبون أموالا طائلة (والتي تعادل قيمتها عجز ميزانية الجزائر) لقاء التطبيع مع إسرائيل، عوض مهاجمة المغرب ووصف صحافييه بالكلاب، لا لشيء سوى أنهم قاموا بعمل بكل مهنية واحترافية.
وقبل الخوض في هذه النقطة المتعلقة بالبروباغندا التي يمارسها إعلام العسكر على المواطنين الجزائريين، دعوني أدقق في بعض النقط الخاطئة في ردودكم، فأولا ايدي كوهين ليس مستشارا ولم يسبق أن كان مستشارا لنتنياهو، وهو بنفسه نفى ذلك في أكثر من مناسبة، ومعلوماتكم مصدرها ويكيبيديا، والتي بالمناسبة تعتبر موسوعة مفتوحة، أي أن الجميع يمكن إضافة مقالات لها والتعديل فيها كذلك، ولعل من أبجديات البحث عن المصادر في الانترنت أن نتجنب المصادر المفتوحة، وهذا الخطأ الفادح لا يمكن إلا أن يفسر بأن الأموال التي تصرف على الإعلام عندكم، تغفل تماما جانب التكوين، بل وأكاد اعتقد أن محرر الردود لا يمنحه لنفسه وقتا للتعلم ذاتيا، فنحن في زمن المعرفة المجانية والمتوفرة على الانترنت، اللهم إذا كان يعتبر السب والشتم تكوينا فذلك طبعا أمر آخر، ولن نقوى على مجابهتكم فيه، لأنه متعلق بالتربية والأخلاق، وهي أمور لا علاقة لها بالصحافة.
وفي علاقة بالمعرفة، أنا كلي يقين أن بالجزائر مفكرين ودارسين للتاريخ، يعرفون جيدا أن المغرب تربطه علاقة وجدانية وكبيرة مع مواطنيه من الديانة اليهودية، لأنه لم يرضح لضغوطات حكومة فيشي النازية، وقام بحمايتهم، ولعل القولة التاريخية للملك الراحل محمد الخامس، تلخص الأمر، حين طلب منه تسليم اليهود، فرد قائلا “أنا لست ملك المسلمين فقط، وإنما ملك لكل المغاربة”، وهذه أمور يعرفها الجميع، وبالأخص مؤسستكم العسكرية التي جعلت من معاداة وكره المغرب، عقيدة مررتها لجميع الجزائريين، عبر الإعلام والتعليم، لمدة عقود طويلة، حتى حولت الجزائري لكاره للمغرب فطريا، دون التعرف عليه، وهذا ما يفسر المفاجأة التي تحصل لكل جزائري زار المغرب، حين يكتشف أن المغرب مخالف تماما لما يسمعه ويقرأ عنه في إعلام بلده.
فالحديث عن التطبيع لا يستقيم، لأن اليهود المغاربة، مغاربة، ولا يمكن أن نحرم مغربيا من مغربيته، التطبيع الذي روج له في المشرق كمصطلح صنع في قاعات تحرير الشرق الأوسط، لا ينطبق إطلاقا على المغرب، فلا يمكن أن نطبع مع الطبيعي، وهذا امر من الصعب على من صنعت وعيه قنوات التدجين وإعلام الكراهية أن يفهمه، فغسيل الدماغ كان قويا ومستمرا منذ الانقلاب الذي نفذه بومدين، وجلب معه إعلام المعسكر الشرقي وعبد الناصر، ولكن الغريب أنه لازال مستمرا ولازال إعلامكم يشتغل بأساليب أكل عليها الدهر وشرب، بل حتى روسيا موطن ذلك تخلت عن الأمر، وتعتبر ستالين وتضليله الإعلامي من الماضي.
وبالعودة لموضوع الحوار، الذي خصصت له ورقية النهار صدر صفحتها الأولى لعدد أمس الثلاثاء 15 دجنبر، مع صورة للملك محمد السادس والكثير من السب والشتم، كعادة منابر العسكر، فبداية نحن لم ولن نسب رئيسكم (الذي بالمناسبة نتمنى له الشفاء) بل ولم نوجه أي اتهامات لأي كان، بل فقط قمنا بدورنا عبر طرح أسئلة كانت أجوبتها رصاصة من الحقيقة، لم تتوقعوها في هذا التوقيت بالضبط، فلا يمكن أن نلام لأننا نتقن عملنا ونمارسه بمهنية واحترافية، ولازلنا نسعى للمزيد من التعلم وتطوير الذات (المعرفة التي ذكرت أعلاه).
.والمهنية وكما قلت، تقتضي أن يسائل الصحفي جنرالات المرداية عن صحة المعلومة، وأن يوجه التساؤلات لرئاسة الدولة والحكومة عن مدى صحة المعلومة، عوض مهاجمة جريدة “24ساعة” وصحافييها، بل ومهاجمة الملك والشعب المغربي، وعوض أن تأخذكم العزة بالإثم، وما هذا إلا دليل على صحة ما ورد بخصوص طلب حكامكم وجنرالاتكم أموالا مقابل التطبيع، أي طلبوا ثمنا في المقابل، ثمنا يعوضون به الأموال المنهوبة والتي كدست ببنوك سويسرا، على حساب الشعب الجزائري، خصوصا أن الظرفية السياسية حرجة جدا وحساسة، بعد عدم توفقهم في إعادة تدوير عجلة النظام الذي يجثم على الأنفاس منذ انقلاب بومدين، ولا أمل ولا ضوء لأن النفق لا مخرج منه، إلا بمنح الشعب الجزائري حريته أو كما لخصها شعار الحراك “يتنحاو كاااع”.
وإذ نعلم مدى تخبطكم وعدم قدرتكم على مواجهة المعلومة بالمعلومة، فلا يمكن نفي الحقيقة، فإننا نخبركم بأننا سنعود لموضوع المال مقابل التطبيع، بشكل مفصل وبمعلومات دقيقة وحصرية، في القريب العاجل لا الآجل، ويمكنكم بطبيعة الحال الاستمرار في الكذب والسب والشتم وممارسة صحافة “الواي الواي” وكل ordre du jour وانتم بخير.