أسامة بلفقير _ الرباط
يقول عبد الرحمان المجذوب في إحدى حكمه “لي جاور الصابون جاب نقاه، ولي جاور القدرة تلطخ بحمومها”، والحقيقة اليوم هي أن “جورة” الجزائر لم تشكل إلا عبئا على المغرب ومصدر مصائب تهدد البلاد والعباد..فهذا الجار، الذي يفترض فيه حسن الجوار، هو الذي يأوي منظمة إرهابية تهدد المغرب بالسلاح..وهذا الجار هو الذي يحارب المغرب في المنتظمات الدولية، وينفق أموال البترول على كل من يهاجم المغرب ويناور ضد مصالحه.
اليوم تعلن الجزائر عن قطع العلاقات مع المغرب، وهذا قرار يبقى من زاوية نظر إعلانه بكونه “ليس خبرا”. ذلك أن الهجومات التي يتعرض لها المغرب بشكل يومي، والمناورات التي لا تعد ولا تحصى من أجل استهداف سيادته الوطنية، تؤكد بالفعل أن هناك قطعا للعلاقات من طرف الجزائر، في مقابل اليد الممدودة من مملكة عريقة خبرت حسن الجوار وحسن تدبير العلاقات بين الدول، بل والوساطة من أجل تقوية العلاقات بين الدول، دون أن تتراجع قيد أنملة عن الدفاع عن مصالحها العليا.
مشكلة الجزائر اليوم أنها تحاول تخريج أزمتها إلى المغرب، بينما ينتظر الشعب الجزائري أجوبة على أسئلته الحارقة. فالبلد على حافة الانهيار، بعد عقود طويلة من نهب ثرواته إلى أن وصل لمرحلة لم يعد فيها البترول قادرا على سد الثغرات..لكن بدل أن يعمد النظام العسكري إلى إيجاد أجوبة، فإنه يفتعل الأزمات حتى إنه لم يجد خجلا في اتهام المغرب بإشعال الحرائق في موقف أثار الكثير من السخرية والاستغراب.
أزمة الجزائر اليوم تزداد استفحالا، لاسيما بعد القرار الذي وضعها في مواجهة الشارع..كيف لا، والشعب الجزائر تربطه علاقات إنسانية مع المغاربة، تتجاوز قدرات نظام عسكري ديكتاتوري على قطعها أو جرها إلى المستنقع..ولعل صور المغاربة والجزائريين في المنطقة الحدودية قرب السعيدية لخير دليل على أن الشعبين الجزائري والمغربي فوق كل مناورات شنقريحة وكراكيزه.
ربما كانت تتوقع الجزائر ردا متشنجا من المغرب، لكن الخبر مر على السريع ولم يحظ إلا بتفاعل مقتضب و”بارد” من الرباط..وفي المقابل، يجد هذا النظام نفسه مطالبا بالإجابة على الأسئلة الحقيقية. فقد سبق لندوق النقد الدولي أن كشف بأن الجزائر تفكر في الانسحاب من منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، لأنها لم تعد بلداً نفطياً، بعد أن انخفضت الصادرات البترولية 36 في المئة والغازية 30، في حين أن حصة الجزائر في السوق الدولية تصل إلى مليون ونصف المليون برميل يومياً، وأرجع السبب إلى غياب الصيانة والتجديد والإنفاق على حقول النفط، بالإضافة إلى ارتفاع الاستهلاك المحلي.
كما توقع التقرير ارتفاع نسبة الدين العام إلى 63 في المئة. وأشار إلى أن مدخول السياحة بات لا يتجاوز العشرة في المئة من الإنتاج المحلي، والفلاحة لا تتعدى 12.2 في المئة، مبرزاً أن غالبية الجزائريين العاملين في قطاعات التربية والفلاحة والبناء يتقاضون أقل من 200 دولار شهرياً، واقترح أكثر من 600 دولار شهرياً لمواجهة موجة الغلاء التي تسبب فيها انهيار قيمة العملة المحلية “الدينار”.
كل هذه المؤشرات تؤكد أن البلد أصبح على حافة الانهيار، ليس فقط على المستوى الاقتصادي بل على مستوى مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فنسبة البطالة يتوقع أن تتجاوز 20% في ظل أزمة “كورونا”، بينما الأزمة السياسية تنخر البلاد وتطرح أكثر من علامة استفهام حول مستقبل العسكر الذي حول هذا البلد العربي إلى نموذج مصغر لكوريا الشمالية.