منذ ست سنوات، دخل المغرب في حلقة جفاف متواصلة، أصبحت اليوم جزءاً من واقع مرير يؤثر على كل جانب من جوانب الحياة اليومية للمواطنين.
هذه الأرض التي طالما ميزها مناخها المعتدل وخصوبة أراضيها الفلاحية، باتت تشهد تراجعاً كبيراً في هطول الأمطار. ما أدى إلى تصحر أراضٍ كانت شاهدة على تألق الفلاحة المغربية.
الجفاف ليس مجرد ظاهرة مناخية عابرة، بل تحول إلى أزمة حقيقية تهدد الأمن الغذائي للمغاربة، وتضعهم أمام تحديات اقتصادية غير مسبوقة.
ومع قلة المحاصيل، حيث تراجعت المساحات المزروعة إلى حوالي 2,5 مليون هكتار، مقابل 4 ملايين هكتار في السنوات العادية، انعكس أثر الأزمة بشكل ملموس على الأسواق، حيث شهدت أسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفاعات غير مسبوقة.
فالخضروات كما اللحوم وغيرها تعرف منذ سنوات ارتفاع أسعارها بشكل متسارع، لتتحول إلى عبء كبير على كاهل المواطنين. دون أن تفلح الإجراءات الحكومية في وقف هذا الوضع.
لكن، الأزمة ليست فقط أزمة جفاف، بل هي أزمة ماء تزداد حدة مع مرور الوقت. فالمغرب الذي يعتمد على مصادر المياه الطبيعية المحدودة، يواجه اليوم تدهورًا في مستوى مخزون المياه الجوفية والسطحية بسبب الانخفاض المتواصل في الأمطار.
السدود تسجل مستويات منخفضة جداً
السدود التي كانت تضمن في السابق تزويد البلاد بالمياه لري الأراضي الزراعية والشرب، بدأت تشكو من شح الموارد. وأصبح بعضها يسجل مستويات منخفضة جداً من التخزين، ما يهدد بتفاقم مشاكل المياه في المستقبل القريب.
ويكمن الخطر الأكبر في أن أزمة المياه تتجاوز حدود الزراعة فقط، لتطال الحياة اليومية للمواطنين. في العديد من المدن والمناطق الريفية، سيضطر المواطنون إلى التعايش مع فترات انقطاع المياه أو تدني جودتها، وهو ما يزيد من معاناتهم.
تزايد الطلب على المياه في ظل محدودية المصادر يعقد من مهمة الحكومة في توفير الإمدادات اللازمة. ويعزز من شبح أزمة مستدامة قد تؤثر على نمو الاقتصاد الوطني في ظل التأخر الكبير الذي عرفه إنجاز المشاريع المائية. والتي تحولت ماء الأسف إلى ساحة للمزايدات السياسوية، بدل أن يعمل الجميع على إيجاد الحلول الناجعة.
وبينما يعاني المغاربة من هذه الارتفاعات في الأسعار، يشعر الكثيرون بالقلق حيال استمرار هذه الأزمة في المستقبل. التي قد تؤدي إلى تغييرات جذرية في أنماط الاستهلاك وحياة الأسر.
فالسؤال الذي يطرحه الجميع اليوم: هل ستكون الحكومة قادرة على تخفيف وطأة هذه الأزمة الاقتصادية المتزايدة؟ وهل ستتمكن من إعادة تأهيل الأراضي الزراعية وتوفير حلول طويلة الأمد لمعالجة مشكلتي نقص المياه والموارد؟
لا شك أن الأزمة التي يمر بها المغرب ليست فقط أزمة جفاف، بل هي بمثابة جرس إنذار ينبهنا جميعًا إلى ضرورة التفكير في حلول بعيدة المدى لحماية الأمن الغذائي والمائي.
ومع التغيرات المناخية التي تهدد مصادر المياه، فإن تفعيل استراتيجيات وطنية لمواجهة تحديات المياه والغذاء بات ضرورة ملحة. وذلك من أجل ضمان استدامة الحياة للأجيال القادمة.