يوسف المرزوقي- الرباط
هاجمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، وقالت إن تصريحاته بشأن العزم على منع جمعيات المجتمع المدني من تقديم شكايات ضد من تحوم حولهم شبهات ”اختلاس أموال عمومية”؛ تُعد انتهاكا ”صريحا للمقتضيات الدستورية التي تنص على اشراك المنظمات غير الحكومية والجمعيات المعنية بقضايا الشأن العام في صياغة وتفعيل وتقييم القرارات والمشاريع المعدة من قبل المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا تلك المعنية بالسياسات العمومية، مع ضمان حقوق المتقاضين والولوج إلى العدالة، وتوفير مستلزمات الحكامة الجيدة”.
وأوضحت الجمعية في بيان؛ اليوم الخميس 28 ابريل الجاري؛ أن تصريح وزير العدل داخل قبة البرلمان، يعتبر أيضا ”إخلالا باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، الصادرة في الجريدة الرسمية عدد 5596 بتاريخ 17 يناير 2008، التي دعت في مادتها 13 الدول الأطراف إلى اتخاذ التدابير المناسبة “لتشجيع المجتمع الأهلي والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المحلي، على المشاركة النشطة في منع الفساد ومحاربته ولإذكاء وعي الناس فيما يتعلق بوجود الفساد وأسبابه وجسامته وما يمثله من خطر”.
وكشف بيان الجمعية الحقوقية أن وهبي انزاح عن ”التصريح الحكومي وتملص من مضامينه وخاصة ما جاء في محوره الخاص بـ “تحصين الاختيار الديمقراطي وتعزيز آلياته “.
كما يعتبر كلام وهبي؛ وفق بيان الجمعية؛ ”تنكرا لمضامين “الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد”، التي جعلت من سنة 2025 أفقا “لتوطيد النزاهة والحد من الفساد بالمغرب بشكل ملموس”، وأكدت على النزاهة والشفافية والحق في الولوج الى المعلومات وتعزيز الرقابة والمساءلة. كما حثت على تقوية المتابعة والزجر “بتوسيع وتجويد آليات الإبلاغ والنشر في مجال مكافحة الفساد”، وتعزيز التواصل والتحسيس اتجاه القطاع الخاص والمجتمع المدني بخصوص مواضيع مكافحة الفساد”.
وشددت الجمعية على أن وزير العدل، ومن خلال تصريحاته، في ”حالة تناقض تام مع المرجعية الأممية ذات الصلة بمحاربة الفساد، وما تفرضه من التزامات على المغرب، وفي تعارض بيِّن مع مقتضيات ومقاصد الدستور والتشريعات الوطنية. وعوض أن يناصر المنظمات المدنية، ويعزز دورها في مراقبة وفضح ناهبي المال العام، اختار أسلوب التهديد والتحريض واجتهد في تعبئة المؤسسة التشريعية، لإبعادها من دورها في محاربة الفساد عبر آليات التبليغ والتقاضي”.
واستنكرت الجمعية تصريحات وهبي، معبرة عن خشيتها أن تكون ”استهلالا لتضمين القانون الجنائي المنتظر نصوصا تمنع المجتمع المدني من تقديم الشكايات، ومن الترافع لمحاربة الفساد؛ الأمر الذي من شأنه أن يقوض الحق في الولوج للعدالة، ويمس باختصاصات السلطة القضائية ويقبر أحد أدوار المجتمع المدني”.
واستغربت تلك التصريحات، التي يمكن إدراجها كـ”مقدمة لحماية المفسدين والفساد، والتستر على حجم الفساد المسترشي باعتراف هيئات الحكامة الرسمية، ودعم سياسة الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والاجتماعية، وتشجيعا على استباحة المال والملك العموميين، والاغتناء غير المشروع، خاصة من طرف المنتخبين، ومن شأن تنزيلها المساس بالمبلغين عن الفساد؛ سواء كمواطنين أو كهيئات، وتقويض ما ذهبت إليه النيابة العامة من اجراءات بإحداث رقم هاتفي أخضر للإبلاغ والاعلام عن الفساد”.
وعبرت الجمعية، عن رفضها القاطع لـ ”توفير أية حماية سياسية أو قانونية للمفسدين والفساد، ويدعو النيابة العامة إلى التفاعل الإيجابي مع الشكايات والمناشدات والطلبات، التي تعرضها الحركة الحقوقية على أنظارها، وذلك بفتح التحقيقات بشأنها وترتيب الآثار القانونية عن ذلك، بدل تجاهلها أو حفظها، والحرص على حماية المدافعين عن حقوق الإنسان وكل المبلغين عن الفساد”.