مراكش-حكيم العسولي
مند اللحظات الأولى التي تلت فاجعة الزلزال الذي يعد الأعنف من نوعه في تاريخ المغرب، والذي ضرب إقليم الحوز وامتد إلى عدة مناطق بالمملكة، استنفرت تعليمات ملكية مستعجلة مختلف تلوينات وأصناف وهياكل القوات المسلحة الملكية والأمن الوطني والوقاية المدنية ومختلف السلطات التابعة لوزارة الداخلية والصحة العمومية وباقي القطاعات ذات الصلة، من أجل الإسراع بالقيام بمختلف عمليات الإنقاد الميداني والسهر على حسن تقديم المساعدات والخدمات العاجلة للمنكوبين.
تدخل الجيش ضمن استراتيجية 2020-2030
أضحت المملكة المغربية تتميز بالريادة على مستوى التدبير الناجع لحالات الاستثناء و الطوارئ بسبب الكوارث الطبيعية، حيث أصبح المغرب اليوم يتوفر على ترسانة قانونية و مؤسساتية مثالية، قادرة على تدبير الأزمة و فترة ما بعد الأزمة، وذلك بالاعتماد على إمكانياته الذاتية، وفي هذا الصدد يتم تفعيل الاستراتيجية الوطنية لتدبير الكوارث الطبيعية 2020-2030، بالتكوين السريع لخلايا الأزمة على المستوى المركزي و الجهوي، و كذا الانتشار السريع لمختلف المتدخلين الميدانيين، مدنيين و عسكريين.
وبخصوص فاجعة زلزال الحوز، و على المستوى العسكري، تم رصد حشد عدد كبير من الوحدات اللوجيستية و الهندسية و الجوية، إضافة الى الوحدات المختصة التابعة للهندسة العسكرية و الدرك الملكي، المكونة على أعلى مستوى للتدخل في حالة الكوارث الطبيعية خاصة الزلازل، إضافة إلى الصحة العسكرية التي قامت بنشر مستشفيين ميدانيين و حشدت مئات سيارات الإسعاف لنقل الضحايا،
و قد تم خلال المراحل الأولى تعبئة أزيد من 25 مروحية عسكرية للقوات الملكية الجوية و الدرك الملكي، إضافة الى الدرون، بعدة أنواعه.
و هذا لا ينقص أبدا من القدرات التي برهن عليها باقي المتدخليين الميدانيين على رأسهم الوقاية المدنية و القوات المساعدة و الأمن الوطني، و كذا وزارات الداخلية و التجهيز، و الصحة التي عبأت إمكانيات كبيرة و أظهر أطرها قدرة كبيرة على الاستجابة السريعة لحالات الطوارئ.
القوات المسلحة الملكية تقود ملحمة الإنقاد
بدقة عالية وبشكل مستعجل تم تكوين مركز قيادة العمليات الخاص بالقوات المسلحة الملكية و القوات الملكية الجوية و الدرك الملكي، الذي ينسق و يدبر الشق العسكري في عمليات الإنقاذ و الإغاثة و نقل المساعدات، هذا المركز جزء من خطة عمل الاستراتيجية الوطنية لتدبير الكوارث الطبيعية و التي تنسق عملياتها مديرية تدبير الكوارث الطبيعية بوزارة الداخلية.
وبناء على الإشراف المباشر والتعليمات والتوجيهات المستعجلة والهادفة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، حلت بشكل مستعجل مختلف قيادات الجيش الملكي وكتائبه ذات الاختصاص المتنوع بميدان زلزال الحوز، وسخّرت القوات المسلحة الملكية وسائل وإمكانيات مهمة في عمليات الإنقاذ وإيصال المساعدات جوا إلى المناطق المتضررة من زلزال الحوز.
استنفار دائم لمروحيات وطائرات الدرون
ونفذت مروحيات تابعة للقوات المسلحة الملكية، مند صبيحة يوم السبت الماضي، مهام نقل وإيصال المساعدات جوا وإجلاء المصابين.
وانطلاقا من قاعدة مدارس القوات الملكية الجوية بمراكش، يتم تنفيذ ما بين 35 و 40 مهمة يوميا، حسب الظروف الجوية وطبيعة التضاريس، حيث تقوم مروحيات من نوع شينوك CH47 وبوما SA330 و AB 205 بطلعاتها الجوية منذ الساعات الأولى للصباح بين مدينة مراكش ومختلف المناطق المتضررة من الزلزال، لاسيما تلك التي يصعب الوصول إليها عبر المسالك البرية.
واستعانت القوات المسلحة الملكية بالإضافة إلى المروحيات، بالطائرات المسيرة التي تتيح لمركز قيادة عمليات الإغاثة المتقدم بمراكش المتابعة الحية وعن بعد للوضع بالمناطق المتضررة من الزلزال واتخاذ القرارات المناسبة بشأن طبيعة المساعدات التي يتعين إرسالها، وذلك بتنسيق مع وحدات التدخل التابعة للقوات المسلحة الملكية المنتشرة ميدانيا، وكذا مع السلطات المحلية.
استنفار الأطر الصحية العسكرية إلى جانب المدنية
إلى جانب مختلف الأطقم والأطر الطبية والتمريضية التابعة لوزارة الصحة التي تبلي البلاء الحسن على مستوى مختلف نقط الفاجعة، تشهد مؤسسة الصحة العسكرية استنفارا فريدا لأطقمها وتجهيزاتها داخل مختلف المناطق المنكوبة خاصة التي تتميز بوعورة المسالك والتضاريس.
وهكذا يتم في نفس السياق توفير سيارات الإسعاف، فضلا عن إمكانات بشرية مهمة من طيارين وتقنيين وطواقم طبية.
وتم أيضا على مستوى قاعدة مدارس القوات الملكية الجوية بمراكش، ركن عدد من سيارات الإسعاف التابعة للقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي تأهبا لنقل الجرحى الذين تم إجلاؤهم بواسطة المروحيات إلى المستشفيات على وجه السرعة.
وعلى مقربة من مهبط المروحيات، يرابط فريق من أطباء وممرضي القوات المسلحة الملكية استعدادا للتكفل بالمصابين بمجرد وصولهم.
قوات الجيش تواكب المساعدات الغذائية
تساهم العمليات الجوية والبرية المنظمة بشكل كبير في تعزيز كفاءة عمليات إيصال المساعدات على مستوى المناطق المنكوبة.
حيث تصطف شاحنات محملة بالمساعدات من مواد غذائية وخيام وأغطية في انتظار تفريغ حمولتها ونقلها على وجه السرعة على متن المروحيات إلى المناطق المتضررة من الزلزال.
وبمجرد هبوط المروحيات، تسارع عناصر وحدات القوات المسلحة الملكية والوقاية المدنية والدرك الملكي بتفريغ الحمولة لنقلها إلى السكان المتضررين من الزلزال.
دم العسكريين للمنكوبين
أبلى العسكريون بمختلف رتبهم البلاء الحسن ميدانيا وكذا فيما يتعلق بالتبرع بالدم لفائدة مصابي ومنكوبي زلزال الحوز، وهكذا فقد جرى على مستوى ثكنة القوات المساعدة بمراكش تنظيم حملة للتبرع بالدم، وذلك تضامنا مع ضحايا زلزال الحوز.
وتأتي هذه المبادرة، التي ساهمت فيها عناصر القوات المساعدة بمختلف الرتب وكذا عائلاتهم، لإنعاش المخزون الوطني من الدم، وتعبيرا عن الانخراط الفعلي والمساعدة في الزخم التضامني مع ضحايا الزلزال الذي عرفته عدة أقاليم بالمملكة.
وفي هذا السياق، أوضح مصدر مسؤول جهوي للأعمال الاجتماعية للقوات المساعدة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن القيادة الجهوية للقوات المساعدة بجهة مراكش-آسفي نظمت بتنسيق مع المركز الجهوي لتحاقن الدم، هذه الحملة تنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية.
كما أبرزت الرائدة المرابط أن هذه العملية تأتي من أجل توفير الكمية الكافية من هذه المادة الحيوية لإنقاذ الضحايا.
من جهته، أبرز إطار صحي بالمركز الجهوي لتحاقن الدم ومسؤول التحسيس والتواصل وقوافل التبرع بالدم، في تصريح مماثل أن القيادة الجهوية للقوات المساعدة بمراكش-آسفي أبت إلا أن تنخرط في حملة التبرع بالدم علاوة على العمل الجدي في الميدان بالمناطق المنكوبة.
وأضاف المسؤول أن القوات المساعدة انخرطت بشكل فعلي في هذه الحملة الوطنية للتبرع بالدم على مستوى جميع المراكز الجهوية لتحاقن الدم، مؤكدا أن ذلك ساهم بشكل كبير في تغذية مخزون الدم الكفيل بإنقاذ الجرحى.