تتوجه أنظار المراقبين نحو اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ، على هامش قمة قادة مجموعة العشرين التي تنعقد بالعاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس نهاية الأسبوع، حيث يسود تفاؤل حذر بشأن إمكانية توصل قائدي البلدين إلى اتفاق ينهي الحرب التجارية الأمريكية الصينية التي تهدد بتقويض النمو العالمي.
ويرجع الخبراء هذا الحذر إلى تباعد وجهات نظر واشنطن وبكين بشأن النزاعات التجارية، فضلا عن استمرار الخلافات الدبلوماسية في قضايا دولية وإقليمية أخرى من بينها قضية تايوان والسيادة في بحر الصين الجنوبي ومبادرة “الحزام والطريق” التي تنظر إليها واشنطن بعين الريبة. غير أن اللقاء بين قائدي البلدين يرفع منسوب التفاؤل على الأقل في وقف تصعيد الحرب التجارية، وتعبيد الطريق أمام مفاوضي البلدين لتسريع إيجاد نقاط الاتفاق، إلى جانب إسهام اللقاء في تخفيف حدة المواجهات الدبلوماسية في المحافل الدولية والإقليمية، كما حدث في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في بابوا غينيا الجديدة، والتي فشلت لأول مرة في تاريخها في إصدار بيان ختامي بسبب الخلافات الأمريكية- الصينية.
وفي هذا الصدد، أبرز أستاذ العلاقات الدولية بجامعة “صان موون” بكوريا الجنوبية، محمد البوشيخي، أن الحرب التجارية المشتعلة بين الولايات المتحدة والصين مشكل كبير ومعقد، معتبرا أن “لقاء عابرا” بين رئيسي البلدين على هامش قمة العشرين “لن يكون كفيلا بتوصل الطرفين إلى توقيع اتفاق سريع”، غير أن الطرفين “قد يتوصلان الى اتفاق لبداية المفاوضات والتي ستكون لا محالة طويلة وشاقة”.
وقال الأستاذ الجامعي إن الصين تسعى إلى إيجاد “حل وسط” في سبيل حل هذا المشكل، وهي الاشارات التي أرسلها الرئيس شي جين بينغ خلال لقائه مع مهندس العلاقات الصينية- الأمريكية هنري كيسنجر، خلال الزيارة التي قام بها هذا الأخير إلى بكين.
وأضاف أن الصين أشارت خلال هذا اللقاء إلى أنها ملتزمة بتطوير علاقاتها الثنائية مع واشنطن القائمة على أساس الإحترام المتبادل، عدم المواجهة، وسياسة الربح المتبادل، وأبدت رغبتها في حل المشاكل العالقة بين البلدين عبر المشاورات الودية القائمة على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة.
وهو ما يبرز، بحسب الأستاذ الجامعي، أن الصين تسعى إلى التوصل إلى اتفاق ثنائي ولو ب”تقديم بعض التنازلات الظرفية”.
وأكد أن محطة قمة العشرين ستشكل نقطة مهمة في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة على درب إيجاد حل للحرب التجارية المتنامية والتي ستكون لها عواقب وخيمة، في حال إذا استمر الأمر على ما هو عليه، ليس فقط على اقتصاد البلدين وإنما على الاقتصاد العالمي برمته، مشيرا إلى أن هناك تخوفات من صندوق النقد الولي من تباطؤ الاقتصاد العالمي بنسبة 0,5 بالمائة بحلول العام 2020.
ولفت إلى أن الصين تسعى إلى تفادي أي مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، تبعا لاستراتيجية “الصعود الهادئ” التي تنتهجها في علاقاتها الخارجية، وحتى لا تحيد عن مسار التنمية الاقتصادية التي وضعته لنفسها في التوسع الإقتصادي عبر العالم ،وتطوير شبكة علاقاتها الدولية عبر التجارة والمساعدات الاقتصادية دون التورط في أي مغامرة عسكرية.
من جانب آخر، ذكر الخبير في الشأن الآسيوي، أن الصين نجحت في بناء شبكة من الحلفاء عبر العالم من خلال استثماراتها الضخمة في البنى التحية في العديد من بلدان العالم خاصة من خلال مبادرة “الحزام والطريق” وبنك التنمية الآسيوي، بحيث قامت بتمويل مشروعات ضخمة عبر آسيا، إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وتقديم قروض تنموية “دون ربط ذلك بالديمقراطية وحقوق الانسان والتدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول كما تفعل الدول الغربية”. وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن هذه التحالفات “سيكون لها دورها في جعل وجهة النظر الصينية قوية في مواجهة أمريكا،التي بدأت تحت رئاسة دونالد ترامب تفقد حتى حلفاءها الأقربين في أمريكا الشمالية وأوربا الغربية”.
ودخلت واشنطن وبكين في حرب تجارية تهدد الاقتصاد العالمي، إذ فرضت الولايات المتحدة منذ يوليوز 2018 رسوما جمركية على سلع صينية بقيمة 250 مليار دولار سنويا، وهو مار ردت عليه الصين بفرض رسوم مماثلة على سلع أمريكية بقيمة 110 مليار دولار.
وعشية قمة مجموعة الـعشرين، صدرت تصريحات من الجانبين الأمريكي والصيني تشير إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق بين البلدين.
وفي هذا السياق، أعلن مسؤول في البيت الأبيض يوم الثلاثاء أن هناك “احتمالا جيدا” أن يتوصل الرئيس الأمريكي ونظيره الصيني إلى اتفاق يحل الخلاف التجاري بين البلدين.
وصرح المستشار الإقتصادي لاري كودلو، في مؤتمر صحافي، بأن الرئيس دونالد ترامب قال “إن هناك احتمالا جيدا أن نتوصل إلى اتفاق وهو منفتح على ذلك”.
أما الصين، فقد أعربت على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها، قنغ شوانغ، خلال لقاء صحفي، عن أملها في تحقيق “نتائج إيجابية” في اجتماع الرئيسين خلال قمة مجموعة العشرين، مشيرا إلى أن الزعيمين أجريا تبادلا عميقا للآراء حول العلاقات الثنائية والقضايا محل الاهتمام المشترك خلال محادثة هاتفية أخيرة، واتفقا على السعي من أجل التوصل لحلول للقضايا الاقتصادية والتجارية يقبلها الجانبان .
الحرب التجارية الأ مريكية الصينية تطغى على قمة مجموعة الـ20 تفاؤل حذر بشأن توصل ترامب وجين بينغ إلى اتفاق ينهي الحرب