24 ساعة ـ عبد الرحيم زياد
في مثل هذا اليوم من سنة 1963، أطلق الرئيس الجزائري الأسبق “أحمد بنبلة” صرخته الشهيرة “حكرونا..حكرونا المراركة”.
إشارة منه الى إلى الهزيمة القاسية لتي تلقتها الجزائر، من طرف المغرب في حرب دامت 29 يوما، سميت بـ “حرب الرمال”
بعد أن قام الجيش الجزائري، يوم 8 أكتوبر 1963 بمغامرة خاسرة.
تحت قيادة وزير الدفاع الجزائري محمدد إبراهيم بوخروبة، الملقب بـ ‘هواري بومدين”.
الذي سيصير فيما بعد رئيسا للجزائر سنة 1965 بعد انقلاب على الرئيس “احمد بنبلة”.
قام بمغامرة كانت بدايتها بمناوشات على الحدود مع المملكة المغربية.
واقدم جتود جزائريون بالتوغل في منطقة “حاسي بيضا”. النتيجة انتهت بمقتل 10 جنود مغاربة وإضرام النار في واحات النخيل بذات المنطقة.
بداية الشرارة
كان جنود بومدين يريدون الاستيلاء على بعض المواقع المغربية وضمها إلى الجزائر، التي لم يمر على استقلالها عن فرنسا سوى عامين، إلا أن منطقة “حاسي بيضا”.
كانت من المناطق التي حسم في شأن انتمائها إلى المغرب، ووصول الجنود الجزائريين إليها يُعد خرقا واضحا للحدود وتعديا على حرمة المملكة.
أمام هذا الأمر لم يتردد الملك الراحل الحسن الثاني، في اليوم الموالي، بالقيام بالرد الحاسم والسريع.
واعتبر الراحل؛ يوم 9 أكتوبر 1963، الأمر بات مسألة سيادية، ليعلن نشر الجنود وإعلان التأهب في الشريط الحدودي.
دقت ساعة الحرب
شن الجيس المغربي غارات برية وبحرية لرد الاعتبار. وما هي إلا ساعات حتى أعلن المغرب كسبه للمرحلة الأولى في للحرب.
أوكل الملك الحسن الثاني للجنرال إدريس بن عمر العلمي قيادة الجيش لصد الهجمات المتكررة للجزائر.
وحسب خبراء استراتيجيين، ضم الجيش المغربي آنذاك حوالي 100 ألف جندي.
وكانت عناصر مهمة منه تنتمي إلى جيش التحرير والجيش الذي خلفته فرنسا قبل مغادرتها المغرب بعد حصوله على الاستقلال.
وقد تحدثت بعض المصادر أن الجنود المغاربة توافدوا إلى المنطقة الشرقية من كل المدن.
إذ هناك العناصر الصحراوية الملتحقة لتوها بصفوف القوات المسلحة الملكية.
ضمنها مجموعة الملازم “حبوها لحبيب” المكونة من حوالي 700 جندي ينتمون إلى كبرى القبائل الصحراوية “الركيبات”.
بالإضافة إلى انخراط 200 عنصر في إطار ما سمي بمجموعة “الملازم أبا علي أبا الشيخ”، ومجموعات أخرى يقودها “البلال البطل” المكونة من 200 عنصر.
إلى جانب بعض عناصر من أبناء “الركيبات” الفارين من الاضطهاد الجزائري.
كل هؤلاء اصطفوا تحت إمرة الجنرال إدريس بن عمر العلمي وقادة آخرين كقائد الفوج الثاني عشر للمشاة النقيب البوزيدي وقائد القطاع العسكري بمنطقة أكادير آنذاك بوكرين.
الحسم بسرعة
وتمكن الجيش المغربي بسرعة متناهية داخل الأراضي الجزائرية ترتب عنه تراجع الجزائريين إلى الوراء.
بعدما وقفوا على حقيقة الجيش المغربي المنظم، حيث كان مدعوما بطائرات نفاثة.
كان قد حصل عليها مجانيا من العراق، ودبابات ثقيلة بالإضافة إلى العديد من أنواع الأسلحة الحديثة التي تركتها فرنسا للمغرب، فضلا عن وحدات بحرية متقدمة.
ناهيك عن الخبرة العسكرية في القيادة والسيطرة.
في حين لم يكن الجنود الجزائريين يتقنون سوى حرب العصابات التي اندحرت بسرعة أمام النجاعة الهجومية المغربية بقيادة إدريس بن عمر.
الرئيس المصري أسيرا
كانت الجزائر أيضا تتوقع مساعدة من الجمهورية المصرية على عهد جمال عبد الناصر.
لأن جهاز الطيران المغربي نظم مناورات بالرصاص الحي لحصار المجندين الجزائريين على الحدود ومنع وصول المياه إليهم لإجبارهم على الاستسلام.
حدث هذا دون أن يتمكن الجزائريون من الرد على القصف.
لأن الدولة الجزائرية لم تكن تتوفر نهائيا على طائرات باستثناء «هيلوكوبتر» يتيمة حصل عليها أحمد بن بلة هدية من الاتحاد السوفياتي سنة 1962.
وبالفعل جاء طيارون مصريون للاستطلاع قصد دراسة تقديم معونة عسكرية للجزائر ضد المغرب.
لكنهم أخطأوا في تقدير الأحداث ونزلوا في المنطقة المغربية واحتجزوا أسرى.
وكان من بينهم الطيار حسني مبارك الذي أصبح لاحقا رئيسا لمصر.
انتهت الحرب بإعلان هزيمة الجزائر، دامت الحرب 29 يوما.
وانتهت بتوقيع اتفاق وقف لإطلاق النار في 20 فبراير 1964 في مالي.
بعد وساطات قامت بها الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية.