24 ساعة-أسماء خيندوف
اعترفت بريطانيا يوم الأحد 1 يونيو الجاري رسميا بمبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها المملكة كحل جاد وواقعي لقضية الصحراء المغربية، في خطوة تؤكد التحول المتسارع في مواقف القوى الكبرى تجاه هذا الملف الإستراتيجي.
ويأتي هذا الموقف ليعزز المكاسب الدبلوماسية التي راكمها المغرب خلال السنوات الأخيرة، بدعم من رؤية ملكية واضحة وشراكات اقتصادية دولية واعدة.
في هذا السياق، أكد المحلل السياسي تاج الدين الحسيني في تصريح لـ “24 ساعة” أن اعتراف بريطانيا بالحكم الذاتي يعكس الحركية النشطة التي تطبع الدبلوماسية المغربية، مبرزا أن هذا التطور كان منتظرا في ظل المؤشرات المتصاعدة منذ فترة.
وأضاف أن وزير الخارجية ناصر بوريطة لعب دورا محوريا في تحصين هذا الموقف، استنادا إلى توجيهات الملك محمد السادس، الذي سبق أن اعتبر قضية الوحدة الترابية معيارا أساسيا لقياس جدية الشراكات والصداقات الدولية مع المغرب.
وأوضح الحسيني أن المملكة نجحت في استقطاب مواقف داعمة من قوى فاعلة داخل مجلس الأمن، مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، مشيرا إلى أن بريطانيا التحقت بهذا المسار نتيجة مصالح استراتيجية مشتركة، خاصة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
وأكد المتحدث أن مشاريع التعاون الطاقي، وعلى رأسها مشروع تصدير الكهرباء من الصحراء المغربية نحو بريطانيا، تشكل أحد الدوافع القوية خلف هذا التحول، حيث تطمح لندن إلى تأمين طاقة نظيفة لنحو 7 ملايين مواطن بريطاني.
وأبرز الحسيني أن الاعتراف البريطاني سيترجم عبر مراحل، أولها التصريح الرسمي الذي وصف مبادرة الحكم الذاتي بالمقترح الجاد وذو المصداقية، مضيفا أن المرحلة المقبلة ستشهد إطلاق استثمارات كبرى بقيمة تقارب 5 مليارات جنيه إسترليني، ستخصص مشاريعها بالأقاليم الجنوبية خاصة في الداخلة والعيون.
كما أشار إلى أن المغرب يواصل تعميق علاقاته الخارجية عبر البعد الاقتصادي، مستشهدا بالشراكة المتقدمة مع الصين، خاصة في إطار مبادرة الحزام والطريق، والتي قد تمهد، حسب تقديره، لاعتراف صيني مستقبلي بمغربية الصحراء، بالنظر إلى انسجام الموقف المغربي مع التزام بكين بوحدة أراضيها في ملفات مماثلة مثل هونغ كونغ وتايوان.
وشدد المحلل على أن من يعتقد أن روسيا تعد حليفة استراتيجية للجزائر، فإن هذا المعطى لم يعد صالحا في السياق الحالي، خاصة بعد أن بدأت موسكو تراجع مواقفها التقليدية تجاه الملف. كما لفت إلى أن روسيا تبحث اليوم عن توازن في علاقاتها الإقليمية، وتدرك أهمية المملكة في المعادلات الاقتصادية والأمنية داخل إفريقيا.
وخلص الحسيني في تصريحه إلى أن التحولات الجارية على الساحة الدولية دفعت عدة دول إلى إعادة قراءة مواقفها السابقة بشأن نزاع الصحراء، في ظل تصاعد وزن المغرب على المستويين الإقليمي والدولي، واستقراره السياسي وتقدمه الاقتصادي.