إعداد-زينب لوطفي
الرياضيون المغاربة ليسوا مجرد أبطال في ميادينهم، بل هم رموز للعزيمة والإرادة التي تعكس قيم الانضباط، الصبر، والعمل الجاد.
في رمضان، حيث تتعزز الروح الإنسانية والتضامن، نلتقي مع هؤلاء الأبطال الذين استطاعوا أن يصبحوا قدوة للأجيال الجديدة، محققين إنجازات عظيمة على المستويين الوطني والدولي.
كل حلقة من هذه السلسلة ستأخذنا في رحلة عبر مسيرة أحد الرياضيين المغاربة، نستعرض خلالها أبرز محطات حياته المهنية والشخصية، وكيف تحدى الصعاب ليصل إلى القمة.
إن قصصهم تحمل في طياتها دروسًا في القوة الداخلية والتفاني في العمل، مما يجعلها مصدر إلهام لكل متابع.
انضموا إلينا في هذه الرحلة الرمضانية المميزة عبر جريدة “24 ساعة” الإلكترونية، وتعرفوا على أبطال المغرب الذين رفعوا اسم بلدهم عاليًا في مختلف المحافل الرياضية.
الحلقة السابعة والعشرون
في التاسع من نونبر سنة 1982، أبصر الحسين خرجة النور في بلدة “بواسيي” بفرنسا، لتبدأ معه حكاية عشق أبدية لكرة القدم، منذ خطواته الأولى، أبان خرجة عن موهبة لافتة، مما دفعه للانضمام إلى أكاديمية باريس سان جيرمان سنة 1993، قبل أن ينتقل إلى أكاديمية أجاكسيو سنة 1998، حيث واصل سعيه للبحث عن ذاته في عالم المستديرة.
بزوغ نجم خرجة في الملاعب الأوروبية بدأ فعليًا مع نادي ترنانا الإيطالي، الذي وقع معه عقده الاحترافي الأول سنة 2001، وعلى مدار 127 مباراة سجل 9 أهداف، وأثبت نفسه كواحد من الركائز الأساسية للفريق، هذا التألق لفت أنظار الأندية الكبرى في “الكالتشيو”، ليحط الرحال سنة 2005 في نادي روما، حيث شارك في 25 مباراة وسجل هدفًا وحيدًا.
واصل خرجة التنقل بين الأندية الإيطالية، فمثل نادي بياتشنزا سنة 2007 وخاض معه 18 مباراة مسجلاً هدفين، قبل أن ينتقل إلى نادي سيينا سنة 2008 على سبيل الإعارة، مسجلاً 3 أهداف في 15 مباراة. أعجب مسؤولو سيينا بمستواه ليقرروا شراء عقده في نفس العام.
إلا أن محطة التألق الأبرز في مسيرته جاءت مع نادي جنوى، حيث لعب لموسمين قبل أن ينتقل في 2011 إلى أحد عمالقة الكرة الإيطالية، إنتر ميلان، الذي كان حينها بطل أوروبا والعالم. كانت فرصة العمر بالنسبة لخرجة، ولم يخيب الظن، فقد شارك في 20 مباراة وسجل هدفين، إلا أن الإنتر لم يفعل خيار شراء عقده. في 2012، انضم إلى فيورنتينا وخاض 19 مباراة دون أن يهز الشباك.
بعد مسيرة حافلة في إيطاليا، قرر خرجة تغيير الوجهة إلى الخليج، فوقع للعربي القطري في 2012. لكن رحلته هناك لم تكتمل بسبب الحادثة الشهيرة مع أحد لاعبي الغرافة، مما أدى إلى إيقافه وفسخ عقده سنة 2013. رغم ذلك، لم يستسلم، وطالب بمستحقاته لدى “الفيفا”، قبل أن يعود في 2014 إلى الملاعب عبر بوابة نادي سوشو الفرنسي، حيث خاض 24 مباراة وسجل هدفًا وحيدًا. في 2015، خاض محطته الأخيرة مع ستيوا بوخاريست في 11 مباراة، ليعلن نهاية مسيرته الاحترافية.
مع المنتخب المغربي، كان خرجة أكثر من مجرد لاعب. ارتدى قميص “أسود الأطلس” لأول مرة سنة 2003 ضد الغابون في تصفيات كأس أمم إفريقيا 2004، ومنذ تلك اللحظة أصبح أحد الأعمدة الأساسية في خط الوسط. شارك في أربع نسخ من كأس أمم إفريقيا (2004، 2006، 2008، 2012)، وتألق بشكل خاص في نسخة 2012، حيث كان النجم الأبرز بتسجيله 3 أهداف، رغم خيبة الإقصاء المبكر.
لم يكن خرجة مجرد لاعب في الملعب، بل كان قائداً شرساً بروح قتالية عالية، لا يبخل بقطرة عرق في سبيل القميص الوطني. استمر في الدفاع عن ألوان المغرب إلى غاية 2015، حين استدعاه المدرب بادو الزاكي في لقاء ودي، ليكون ذلك آخر ظهور له مع “الأسود”.
اليوم، ورغم اعتزاله، سيبقى الحسين خرجة حاضراً في ذاكرة كرة القدم المغربية كأحد أبرز اللاعبين الذين مروا في تاريخ المنتخب، وقائدًا لم يخن شغفه ولم يتراجع عن حب الوطن.