الرباط-أسامة بلفقير
شكلت سنة 2024 نقطة ضوء كبيرة في المسار الحقوقي المتطور لبلادنا.. فقد كان المغرب شاهدا، خلال هذه السنة، على خطوات وثيقة في هذا المجال، كان من أبرزها العفو عن مجموعة من الصحافيين والمدونين، وإنهاء “كابوس” ملاحقة مزارعي الكيف، إلى جانب رئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان في جنيف.
هذا التقدم والمحطات المهمة في الأداء الحقوقي للمملكة جاء في سياق متميز. فقد أنجزت المملكة المغرب أنجح ولاية على رأس مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، تاركة إرثا سيشكل علامة فارقة في مسار إصلاح هذه الهيئة الحارسة للمبادئ الأساسية للكرامة الإنسانية، وقد ترأس المغرب ثلاث دورات لمجلس حقوق الإنسان، وعقد العديد من المشاورات والتمارين الدبلوماسية وأطلق مبادرات مبتكرة.
وقد حرص المغرب، في ممارسته لمسؤوليته على رأس مجلس حقوق الإنسان، على احترام التوازنات والقواعد المتبعة، لإظهار الحياد والنزاهة، وأيضا وقبل كل شيء الاستماع إلى الجميع، وذلك وفاء للخط الذي اتبعه خلال ولاياته الثلاث داخل المجلس، المتمثل في الحوار والتلاقي والتوافق وقد شهد قصر الأمم المتحدة بجنيف العمل المضني الذي قامت به الرئاسة المغربية والمبادرات المتعددة التي أطلقتها على طريق عقلنة وتجويد عمل المجلس من خلال انفتاحه على المجالات المهملة.
صحافيون خارج السجن
أصدر الملك محمد السادس، بمناسبة ذكرى عيد العرش، عفوه عن مجموعة من المعتقلين، عن الصحفيين عمر الراضي وسليمان الريسوني وتوفيق بوعشرين. وكان الصحفيون الثلاثة قد اعتقلوا بتهم تتعلق بقضايا الحق العام. وقد كان أمل عدد من الهيئات الحقوقية والمهنية أن يتم إطلاق سراح وطي هذا الملف.
وشمل العفو الملكي أسماء أخرى وهي يوسف الحيرش ورضا الطاوجني، والصحفيين المحكومين بالسجن مع وقف التنفيذ عماد استيتو وعفاف برناني. كما جرى العفو عن ناشطين سبق إدانتهم في المحاكم المغربية، هشام منصوري وعبد الصمد آيت عيشة. وهؤلاء النشطاء والصحافيون يشتغل أغلبهم بالخارج، وكان متابعين في حالة سراح.
مصالحة مع الأرض
خلف العفو الملكي عن أشخاص مدانين أو متابعين أو مبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، ارتياحًا واسعا لدى الرأي العام المغربي، خصوصا أنه يأتي بعد أيام قليلة من العفو الملكي عن صحفيين بمناسبة عيد العرش.
الخطوة الملكية اعتبرها الكثير مصالحة مع هذه الأرض التي لا تنتج غير هذه الزراعة، وأمل للساكنة المحلية ببناء اقتصاد عادل ومهيكل، وتحقيق ثورة إنمائيّة تراعي خصوصيات المنطقة، وتحقق العدالة المجالية والاجتماعية. كما تشكل هذه الخطوة بداية لمرحلة جديدة تأتي في سياق تقنين الزراعة المشروعة للقنب الهندي، لأغراض صناعية وصيدلانية وطبية، تجعل المملكة تطمح لتكون ضمن الدول الرائدة عالميًا في هذا المجال.
إلغاء الإعدام
أعلن وزير العدل، عبداللطيف وهبي عن توجه المملكة نحو الإلغاء التدريجي لعقوبة الإعدام، وذلك انسجانا مع الالتزامات الدولية للمملكة المتعلقة بحقوق الإنسان، حيث تسعى السياسة الجنائية الحالية إلى الحد التدريجي من عقوبة الإعدام.
وجاء هذا الإعلان في جواب على أسئلة آنية تقدمت بها فرق المعارضة والأغلبية حول موقف القانون الجنائي المغربي من عقوبة الإعدام ومكانتها في السياسية الجنائية المغربية، حيث أشار إلى المملكة المغربية ستصوت لأول مرة بالموافقة على قرار الجمعية العامة بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام. واصفا ذلك بالخطوة التاريخية الحقوقية الهامة، والتي تنسجم والتقدم الكبير الذي يعيشه المغرب على مستوى حماية حقوق الإنسان وتعزيز ثقافتها وطنيا ودوليا.
وقال وهبي إن قرار المملكة المغربية ما هو إلا تعبير عن التزام بعدم تنفيذ عقوبة الإعدام طيلة المدة المشمولة بالتصويت “سنتين”، كما أنه سيكون مجرد انعكاس للواقع لأن المغرب لم ينفذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1993.
ولفت إلى أن مسار المملكة المغربية في عملية التصويت على قرار الجمعية العامة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة بشأن وقف العمل بعقوبة الإعدام طيلة المحطات السابقة، عرف تغيرا ملحوظا، إذ إنه رغم موقفها المتمثل في “الامتناع”، الذي طبع الممارسة الاتفاقية للمملكة طيلة السنوات من 2007 إلى 2022، إلا أنها صوتت سنة 2020 على تأييد مجموعة من التعديلات الهامة.