24 ساعة _ متابعة
في إطار التوترات التي تعرفها العلاقات الثنائية بين المغرب وألمانيا، وعلى إثر سحب المغرب لسفير المملكة بألمانيا لجملة من الأسباب التي بنى عليها المغرب قراره، قدم الدكتور يوسف شهاب واحد من الخبراء المغاربة وأستاذ العلوم الجيواستراتيجية والتنمية الدولية بجامعة السوربون ومدير الأبحاث في مجموعة “س ف2ر”، لجريدة “24 ساعة”، قرائته في هذه المشاهد التي أثثت العلاقة بين البلدين خلال الفترة الأخيرة.
وأكد الخبير الجيوستراتيجي بجامعة السربون “أن قرار المغرب بسحب سفيرة المملكة بألمانيا إثر مجموعة من المشاكل التي يآخذ المغرب عليها ألمانيا، من بينها موقفها العدائي اتجاه قضية الصحراء بعد اعتراف ترامب، بالإضافة إلى تواطؤها مع المدان محمد حجيب علاوة على تجاهلها لدور المغرب في الملف الليبي، هو موقف “متسرع”.
وفي تفسير أدق لهذا الاستنتاج اعتبر يوسف شهاب أن “على المغرب أن يخرج من دبلوماسية العواطف والدبلوماسية الانفعالية، إلى دبلوماسية أكثر واقعية وقراءة من هي ألمانيا”.
وربط الدكتور شهاب هذا التحذير بعدة عوامل تتمثل في ” أن ألمانيا القوة الثالثة اقتصاديا على مستوى العالم والأولى على مستوى الاتحاد الأوروبي ولها علاقات اقتصادية متينة مع المغرب، بالإضافة إلى طموحها الكبير بحيث تنوي في غضون خمس سنوات المقبلة أن تصبح عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي، علاوة على أنها تحتوي على جالية مغربية مهمة”.
وفي هذه النقطة شدد يوسف شهاب على أنه “يجب أخذ كل هذه الاعتبارات ووضعها في الميزان لكي لا نقع من جديد في الخطأ القاتل التي وقعت فيه الدبلوماسية المغربية قبلا وهو تبني دبلوماسية المواقف”.
وبخصوص تحليل المآخذات التي يبني عليها المغرب موقفه المتمثل في سحب سفير المملكة بألمانيا سلط الخبير الضوء على مجموعة من التفاصيل التي تنطوي عليها هذه المآخذات.
فمن حيث الموقف الذي تتخذه ألمانيا بشأن قضية الصحراء يوضح يوسف شهاب “أنه ليس معاديا كما تروج له وسائل الإعلام المغربية، ولكن الموقف فقط يقول بأن ألمانيا تقر بأن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء هو شأنها لكن في مقابل ذلك لا يجب إخراج هذا الملف من مسلسل التفاوض السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة، وهو الأمر الذي يطالب به المغرب أيضا”.
وتابع الدكتور شهاب قائلا : “بايدن كذلك يدعم نفس الاتجاه بحيث يقر بأهلية الأمم المتحدة على هذا الملف وليس ضد مغربية الصحراء بالتالي لا يجب أن نعمل بالمثل القائل إذا اعترف زيد بعمر فما على الآخرين سوى البكاء”.
وخلص في هذه النقطة إلى القول “ألمانيا لاتعادي المغرب بل قالت أنها تريد الحفاظ على المسار الأممي وهو ما طالب به المغرب بعد وقف اتفاق اطلاق النار وقبل اعتراف ترامب بمغربية الصحراء” .
وعلى مستوى سياسة ألمانيا فيما يتعلق بالعلاقة مع أحد المدانين بالإرهاب يؤكد يوسف شهاب أنه ” لا يليق بالمغرب النزول إلى هذا المستوى والتكلم عن عربيد لا يمتلك أي قدرات من شأنها أن تشكل خطرا على المغرب، بل هو مجرد انتهازي اعترف بإرهابه وسجنه ثم عرض على ألمانيا خدماته ك ” شاوش استخباراتي” مضيفا أنه “لا يستدعي دخول المغرب في عداء مع ألمانيا بدعوى شخص كمحمد حجيب”
أما بخصوص الملف الليبي، لفت الخبير الجيوستراتيجي إلى أن “المغرب بدأ في الملف الليبي منذ سنة 2016_2017 ، في محاولة لإجماع الرأي الليبي وتقريب وجهات النظر عبر عدة محطات، وعدم استدعاء ألمانيا للمغرب واستدعائها لدول أخرى مثل الجزائر وتونس ومصر يقبل عدة تحليلات”
واسترسل تحليله قائلا “فمن حيث الشكل تعد الدول المدعوة أكثر قرابة بحكم الجوار الجغرافي ووجود حدود لها مع ليبيا أما من حيث الجوهر المغرب لا يحتاج مباركة من ألمانيا أو وسام من هذه الأخيرة عن وساطته في الملف الليبي” مضيفا بالقول ” على العكس سيجني المغرب ثمرة هذا الاستثمار على المستوى المتوسط أو البعيد، المرتبط بالعلاقات الدبلوماسية مع ليبيا”
وأشار الدكتور شهاب إلى أن نتاج هذه الوساطة ستترجمها ليبيا في أول خطوة لها اتجاه المغرب بعد قيامها كدولة متكاملة هي الاعتراف بمغربية الصحراء، بعد الويلات التي عاشتها الدبلوماسية المغربية مع النظام الليبي السابق.
وفي الختام شدد يوسف شهاب على أنه ” يجب على المغرب التفكير بنفس طويل والخروج من هذه المواقف الانفعالية، والغير المسؤولة مع دولة كبرى في مستوى ألمانيا” مؤكدا أنه “في مقابل ذلك يجب توخي الحذر والتحكم وتبني دبلوماسية المصالح، لأن قطع العلاقات مع ألمانيا سيشكل كارثة على المغرب لن تمس انعكاساتها ألمانيا أبدا”. موردا نقطة مهمة تلخص جوهر هذا النقاش بقوله أن ” اعتراف ألمانيا بمغربية الصحراء من عدمه لن يغير شيئا من الحقيقة على أرض الواقع “.