الرباط-عماد مجدوبي
شهدت سنة 2024 تطورات ملحوظة على الصعيد الأمني الدولي والإقليمي، مما استدعى من المغرب تعزيز حضوره الدبلوماسي الأمني وتنويع شراكاته الاستراتيجية.
في هذا السياق، لعب المدير العام للأمن الوطني، عبد اللطيف حموشي، دوراً محورياً في تعزيز التعاون الأمني مع مختلف الدول الشريكة، وتنسيق الجهود لمواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة.
الدبلوماسية الأمنية المغربية في سياق عالمي متغير
يشهد العالم تحولات عميقة على المستوى الأمني، تتمثل في تنامي التهديدات الإرهابية، والجريمة المنظمة عبر الوطنية، والهجمات السيبرانية.
في هذا السياق، أصبحت الدبلوماسية الأمنية أداة أساسية لحماية المصالح الوطنية والمواطنين، وتعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي.
لعب عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني ، دوراً بارزاً في تعزيز التعاون الأمني المغربي مع مختلف الشركاء الدوليين. وقد تميزت زياراته الخارجية بعدة أبعاد، حيث سعت تلك الزيارات التي تمت خلال سنة 2024، إلى تبادل الخبرات والتجارب في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتعزيز التعاون العملياتي بين الأجهزة الأمنية.
تم التركيز على تنسيق الجهود لمواجهة التهديدات المشتركة، لا سيما تلك المرتبطة بالهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة عبر الوطنية، كما تم توقيع وتجديد اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف في مجال الأمن، بهدف تعزيز الإطار القانوني للتعاون الأمني. و ساهمت الزيارات في بناء الثقة المتبادلة بين المغرب وشركائه، وتعزيز العلاقات الثنائية.
الانتربول.. تفويض للسلط ومنصب نائب الرئيس
تكريسا لنهج الدبلوماسية الأمنية المغربية خلال السنوات الأخيرة؛ حاز عبد اللطيف حموشي، خلال نونبر من 2024، على تفويض السلط لتمثيل المملكة المغربية في الجمعية العامة لمنظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول)، المنعقدة في دورتها الثانية والتسعين بمدينة غلاسكو، إسكتلندا.
هذا التجمع السنوي، الذي يُعد من أبرز الأحداث الأمنية العالمية، جمع ممثلي أجهزة الأمن من 177 دولة عضواً في الإنتربول، إلى جانب منظمات دولية وإقليمية ومراكز بحث تهدف لتعزيز التعاون الشرطي ومواجهة التحديات الأمنية.
تأتي مشاركة حموشي في إطار استراتيجية مغربية شاملة لتعزيز التعاون الأمني الدولي، ومواكبة التهديدات المرتبطة بالإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تفعيل توجيهات الملك محمد السادس التي تركز على أهمية التعاون الأمني الدولي والإفريقي.
ورسخ المغرب حضوره الأمني الدولي تسعى المملكة، عبر هذه المشاركة، إلى تعزيز حضورها الأمني على الساحة الدولية والتحضير لاستضافة الدورة القادمة لجمعية الإنتربول العامة بمدينة مراكش في نونبر 2025.
وتهدف هذه الدورة إلى تمكين أجهزة إنفاذ القانون من مواجهة التحديات الأمنية الحديثة والتصدي للمخاطر الناشئة بشكل جماعي. وضم الوفد. يخول تفويض سلط للحموشي صلاحيات تمثيل المغرب والدفاع عن مصالحه الأمنية خلال المناقشات الدولية، التصديق على بنود جدول أعمال الجمعية العامة للإنتربول، وإبداء الرأي في المواضيع المتعلقة بالأمن العالمي. وشمل ذلك التصويت على تعديلات النظام الأساسي للمنظمة ودعم الترشيحات لمناصبها العليا.
خلال هذه التظاهرة، تم انتخاب المغرب بأغلبية كبيرة لشغل منصب نائب رئيس الانتربول عن قارة إفريقيا، في خطوة تعكس التقدير الدولي لجهوده في الحفاظ على الأمن والاستقرار إقليمياً ودولياً.
كما يجسد هذا الانتخاب دور المغرب الرائد في تعزيز التعاون الأمني جنوب-جنوب. وقد حصل ممثل المغرب على دعم 96 دولة خلال التصويت، مما منحه تفوقاً واضحاً على باقي المرشحين.
المديرية العامة للأمن الوطني رشحت لتولي المنصب والي الأمن محمد الدخيسي، الذي يشغل منصب مدير الشرطة القضائية ورئيس المكتب المركزي الوطني-إنتربول الرباط.
وجاء ترشح المغرب بدافع تعزيز البنية الشرطية الإفريقية والتعاون المشترك جنوب-جنوب، من خلال تبادل الخبرات والتجارب مع الأجهزة الأمنية في القارة.
لقاء مع كبار المسؤولين الأمنيين في العالم
شهدت سنة 2024، كثافة في لقاءات، عبد اللطيف حموشي، مع كبار المسؤولين الأمنيين على الصعيدين الإقليمي والدولي. هذه اللقاءات المتكررة تؤكد على الديناميكية التي تشهدها الدبلوماسية الأمنية المغربية، والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الأمني، ومواجهة التحديات المشتركة، وحماية المصالح الوطنية.
لعب حموشي دوراً محورياً في تعزيز التعاون الأمني المغربي على الصعيدين الثنائي والمتعدد الأطراف. فقد قام بزيارات عديدة إلى دول شقيقة وصديقة، وعقد لقاءات مكثفة مع نظرائه من المسؤولين الأمنيين، كان أبرزها خلال 2024، مع مسؤولين عسكريين بريطانيين بهدف التعزيز الأمني. كما التقي شخصيات أمنية واستخباراتية على هامش مشاركته في الذكرى 200 لتأسيس الشرطة الإسبانية وسط مدريد. كما زار تركيا بدعوة رسمية من اسطنبول، حيث التقى كبار المسؤولين الأتراك، أبرزهم الوزير المنتدب في وزارة الداخلية التركية، وسلامي يلديز، المدير العام للاستعلامات التركية. وفي نفس الشهر (شتنبر)، قام حموشي بزيارة إلى أبو ظبي، التقي قادة الشرطة والاستخبارات الإماراتيين تم توقيع اتفاقية للتدريب والتكوين المشترك لعناصر الأمن، وقبلها في فبراير، أجرى حموشي مباحثات مع كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية السعودية.
كما استقبل في نونبر فرانسيسكا بوستين المديرة العامة لأمن الدولة بمملكة بلجيكا، التي أجرت زيارة عمل للمملكة المغربية على رأس وفد أمني هام. وحل حموشي، في يونيو، بفرنسا استجابة لدعوة رسمية من مسؤولي الأجهزة الأمنية الفرنسية. وغيرها من اللقاءات الأخرى المهمة ذات الصلة.
أهداف لقاءات حموشي
تهدف لقاءات حموشي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، من بينها، تعزيز التعاون الأمني في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق الجهود لمواجهة التهديدات المشتركة، تطوير آليات التعاون العملياتي بين الأجهزة الأمنية، بناء الثقة وتعزيز العلاقات الثنائية.
الشركاء الأمنيون للمغرب
تتنوع الشراكات الأمنية التي يقودها المغرب، والتي تشمل دولاً من مختلف القارات. وتتميز هذه الشراكات بعمقها وتاريخها، وتركز على مكافحة التهديدات المشتركة.
تواجه الدول الشريكة للمغرب مجموعة من التحديات الأمنية المشتركة، من بينها الإرهاب، حيث بات التهديد الإرهابي، يمثل تحدياً كبيراً للعديد من الدول، ويتطلب تعاوناً أمنياً وثيقاً لمكافحته. ثم الجريمة المنظمة، بما أصبحت تشكله، بما في ذلك الاتجار بالمخدرات والهجرة غير الشرعية، تهديداً خطيراً للاستقرار والأمن. بالإضافة إلى الجريمة السيبرانية، حيث تزداد أهمية مكافحتها الجريمة مع تطور التكنولوجيا.
نتائج لقاءات حموشي
أسفرت لقاءات حموشي مع كبار المسؤولين الأمنيين عن نتائج إيجابية، أبرزها توقيع اتفاقيات تعاون أمني، تبادل الخبرات والتجارب في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، تنفيذ عمليات أمنية مشتركة وتعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنية.
يلعب المغرب دوراً محورياً في مكافحة الإرهاب على الصعيدين الإقليمي والدولي. وقد أثبتت تجربته نجاحها في هذا المجال، مما جعله شريكاً موثوقاً به في مكافحة هذا التهديد.
يواجه المغرب، شأنه شأن العديد من الدول، تحديات أمنية جديدة تتطلب تطوير استراتيجيات أمنية متكاملة. ومن بين هذه التحديات التطرف العنيف الذي يشكل تهديداً متزايداً للاستقرار والأمن، وأيضا الجريمة المنظمة عبر الوطنية، التي صارت تتطلب تعاوناً دولياً واسع النطاق.