24 ساعة-متابعة
كشف الدكتور أحمد زروال، جراح الوجه والفكين والتجميل العائد مؤخرا من قطاع غزة، عن حجم الدمار الهائل والمعاناة الإنسانية التي عايشها خلال ستة أسابيع قضاها في القطاع ضمن بعثة تابعة لمنظمة الصحة العالمية (الأمم المتحدة).
ونقل الدكتور زروال، في تصريحه لـ”24 ساعة”، صورة قاتمة عن الوضع الميداني في غزة، التي دخلها في نهاية شهر يناير الماضي.
وقال الدكتور زروال إن “المشهد الأول الذي استقبلني في غزة كان هو “الدمار الشامل” الذي يمتد من شمال القطاع إلى جنوبه”، مؤكدا أن هذا الدمار طال جميع محافظات غزة دون استثناء.
وتابع زروال، “لم يسلم من هذا الخراب أي من مناحي الحياة”، موضحا أن “المنازل، الطرقات، الكهرباء، المستشفيات، الأبناك، البلديات، تقريبا جميع المؤسسات، كل شيء مدمر”.
وشدد على أن هذا الدمار كان أبرز ما لفت انتباهه خلال فترة وجوده في القطاع، خاصة في المستشفى الأهلي العربي المعروف بلقب المعمداني، الذي عمل به أغلب الوقت في شمال مدينة غزة، بالإضافة إلى عمله بشكل متقطع في مجمع الشفاء الطبي الذي وصفه بأنه مدمر بشكل كامل وتم إخراجه من الخدمة كليا.
وأكد الدكتور زروال أن أحياء بأكملها “مسحت من الأرض” ولم يعد لها أي أثر يدل على الحياة، وقد تركز الدمار بشكل خاص، في محافظتي غزة والشمال، وتحديدا في مناطق الشجعية وبيت لاهيا وبيت حانون وجباليا ومعسكرها.
ووسط هذا الخراب، يصف الدكتور زروال معاناة السكان بـ”بالعميقة جدا جدا”، ناقلا عن أهالي غزة قولهم إن وصف الوضع بالصعب ما هو إلا توصيف مقتضب لا يرقى لحجم المأساة.
وخلال فترة الهدنة التي شهدها القطاع، لاحظ الدكتور زروال عودة سريعة وملحوظة للحياة من قبل السكان، الذين عادوا بأعداد كبيرة من الجنوب إلى الشمال رغم الظروف القاسية والإقامة في الخيام والبرد القارس.
وعلى الرغم من كل هذا الدمار والمعاناة، أبدى الدكتور زروال إعجابه الشديد بـ”تشبث الفلسطينيين بأرضهم بشكل كبير” و”مقاومتهم” ورفضهم للتهجير، وعودتهم السريعة لممارسة حياتهم في ظل تلك الظروف الصعبة.
وعلى صعيد العمل الطبي، أوضح الدكتور زروال، المتخصص في جراحة الوجه والفكين والتجميل، أن أغلب العمليات التي أجراها كانت ناتجة عن إصابات الحرب، كـالكسور والندبات والجروح، بالإضافة إلى حالات أخرى تعقدت بسبب انهيار القطاع الصحي، مثل سرطانات الوجه والفم والتشوهات الخلقية كـالشفة الأرنبية وشق الشفة، وحالات أخرى استدعت إخراج شظايا ورصاصات مستقرة في وجوه وعنق ناجين من الانفجارات والقنص، بالإضافة إلى حالات تعفنات ناتجة عن تثبيت الحديد للمرضى في ظروف غير صحية خلال الحرب.
وفي ختام شهادته، لفت الدكتور زروال إلى أن أغلب مناحي الحياة في غزة مدمرة بشكل كبير، وأن القطاع الصحي يعاني من انهيار شبه كامل جراء تدمير المستشفيات ونقص حاد في الأجهزة والمستلزمات الطبية والأدوية والأدوات الجراحية، فضلا عن النقص الكبير في الكوادر الصحية نتيجة استشهاد أواعتقال عدد كبير منهم وتعرض الباقين إلى الإرهاق التام.
وشدد المتحدث، على حاجة القطاع الماسة لبناء مستشفيات جديدة وتوفير الأجهزة والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى ضرورة إرسال وفود طبية من الخارج لتقديم العون.
كما أشار إلى الحصار المطبق على قطاع غزة منذ حوالي 26 يوما، والذي يشمل منع دخول المساعدات والوقود والكهرباء، وحتى منع دخول الوفود الطبية الخارجية في فترة من الفترات.
وفي هذا الصدد، ناشد الدكتور زروال برفع هذا الحصار بشكل فوري للسماح بدخول المساعدات في جميع المجالات، وخاصة المواد الغذائية، مؤكدا على المعاناة الكبيرة للسكان حاليا.
وفي ختام تصريحه، عبر الدكتور أحمد زروال عن أمله في توقف هذه الحرب الهمجية والعدوان في أقرب وقت، ودخول المساعدات، وتأهيل جميع القطاعات وعلى رأسها القطاع الصحي، وإعادة الإعمار.