حاورته: سكينة قيش
قدم سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، يوم الثلاثاء المنصرم أمام مجلس المستشارين، الخطوط العريضة لحصيلة وزارته خلال الولاية الحكومية الحالية، وهي مبادرة تحسب استثنائية باعتباره أول وزير يقدم حصيلته قبل انتهاء الولاية، هذا المشهد يطرح التساؤل حول ما إذا كانت الحصيلة المقدمة بدورها تشكل استثناء متفردا استجاب لمجموع انتظارات وتطلعات المغاربة من هذا القطاع أم مجرد إجراء جاء في سياق معين؟
تفاعلا مع هذا ذهبت جريدة “24 ساعة ” نحو قراءة هذه الحصيلة ومحاولة رصد الإجابات الممكنة على الأسئلة التي تأثث حيثيات هذه الحصيلة عبر حوار مع الأستاذ عبد الوهاب السحيمي، باعتباره ناشطا داخل شبكات التواصل الاجتماعي بالتالي إجاباته ستكون تشخيصا لآراء وأصوات تناقش حصيلة وزارة أمزازي .
ما تقييمكم لحصيلة منظومة التربية الوطنية خلال هذه الولاية الحكومية؟
للأسف، هي حصيلة صفرية. هي في الحقيقة “حصلة” وليست حصيلة، حيث لا شيء تحقق طيلة 5 سنوات من تدبير أمزازي لمنظومة التربية والتكوين . فمنذ أن تقلد السيد أمزازي وزارة التربية الوطنية والعشوائية و الارتجال هما سيدا الموقف في التدبير.
فالتراجعات غير المسبوقة على المكتسبات في التعليم العمومي المجاني هو ما ميّز هذه المرحلة من تاريخ المنظومة التعليمية. والتقارير الدولية والوطنية حول الهدر المدرسي وترتيب المغرب في سلم التنمية البشرية الذي يعتمد التعليم كأحد معاييره الأساسية، دالة، وكلها تؤكد الفشل الذريع الذي ميّز مرحلة السيد أمزازي على رأس قطاع التربية الوطنية.
إلى أي حد ترون أن الوزارة الحالية فعلت المخطط التنفيذي للبرنامج الحكومي المرتبط بالقطاع؟
لو أن الوزارة الحالية اعتمدت ولو في حدود دنيا ما جاء في البرنامج الحكومي لكانت النتائج تختلف على الحصيلة الرئيسة الحالية. فللأسف، البرنامج الحكومي في واد وما يقرره أمزازي في واد آخر.
بكل أسى، وجدنا أنفسنا أمام ارتجالية وعشوائية في تدبير أهم قطاع حكومي، طيلة 5 سنوات.
فأين هو التوظيف بالتعاقد الذي فرضته الوزارة الوصية على أبناء الشعب في البرنامج الحكومي؟ وأين نحن من الحوار والاشراك وكل الشعارات الكبيرة التي نص عليها المخطط الحكومي ؟
فأول شعار رفعته هذه الحكومة مباشرة بعد تعيينها هي انها حكومة الانصات والإنجاز، فهل أنصت أمزازي لنساء ورجال التعليم؟ أبدا، فطيلة الولاية الحكومة والحوار مغلق وأمزازي يرفض نهائيا أن يجالس ويستمع إلى نساء ورجال التعليم. وحتى الحوارات التي عقدها بعض مسؤولي الوزارة مع النقابات لم تفضِ إلى نتائج تذكر وكانت حصيلتها صفرية، وهي حوارات مغشوشة كان همها المناورة و كسب الوقت للوصول إلى محطة الانتخابات المقبلة والتنصل من كل الاتفاقات السابقة.
في نظركم وانطلاقا من الحصيلة المقدمة ماهي أبرز الأوراش التي طبعت هذه الولاية الحكومية فيما يخص قطاع التربية الوطنية والتعليم العالي؟
الواقع لا يرتفع، والحصيلة غير موجودة نهائيا، وكل ما قدمه أمزازي في ما سماه حصيلة، غير صحيح. فالتعليم في المغرب يسير نحو الهاوية، والتقارير الرسمية الصادرة عن مؤسسات وطنية دستورية تؤكد هذا الفشل. فالهدر المدرسي وصل مستويات قياسية والوزارة لم تُعد اي مخطط او برنامج لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة.
فأزيد من 300 الف متعلم ومتعلمة يغادرون المدرسة سنويا، والحكومة ومعها الوزارة الوصية تتفرج. فحتى هذا الجيش الذي يغادر لا يتم مواكبته وتتبعه حتى لا ينزلق للممارسات افعال تشكل خطرا على المجتمع.
أما في التعليم العالي فالوقفات والبيانات الصادرة عن مكاتب النقابة الوطنية للتعليم العالي تغني عن كل تعبير. فورش الباشلور مآله بكل تأكيد الفشل لأنه بكل بساطة لم ينطلق من القاعدة ومن عند عموم الأساتذة، بل فرضه أمزازي من الأعلى ولم يشرك أحدا قبل تنزيله.
كيف ترون العرض المقدم للنهوض بوضعية الفتاة القروية ضمن المدرسة العمومية ؟
الفتاة القروية تحتاج إلى إجراءات ملموسة وليس إلى الشعارات. فماذا حقق أمزازي للفتاة القروية وللتعليم في العالم القروي عموما طيلة 5 سنوات من تدبيره للقطاع؟ لا شيء.
فالعرض المدرسي في البادية لم يعرف أي تقدم، والداخليات لا زالت على حالها البئيس، والنقل المدرسي ضعيف جدا إذ لم يكن منعدما في معظم المناطق… فأين هي إذن مجهودات أمزازي ؟ وأين هو برنامجه للنهوض بالتعليم في المجال القروي؟
وحتى برنامج تيسير الذي لا علاقة لأمزازي به، إذ يبقى مجهودا خاصا لحكومات سابقة، لم يعرف أي تحسن او توسيع للمستفيدين منه، وحتى المبلغ الممنوح للمتعلمين الهزيل جدا لم يعرف زيادة ولو بدرهم واحد.
كيف يمكن تنزيل محاور إصلاحية تتقاطع والمداخل الرئيسية التي تضمنها تقرير النموذج التنموي الجديد بخصوص هذا القطاع ؟
تقرير النموذج التنموي هو تقرير صادر عن مؤسسة استشارية ولكي يتحول إلى ميثاق يلزم فتح نقاش واسع بشأنه، ففي التقرير أمور إيجابية نثمنها كما يتضمن عدة إجراءات تحتاج نقاش وتفسير وإعادة النظر.
فالفصل الذي كان ينص على مجانية التعليم في القانون الإطار 51.17 الخاص بالتربية والتكوين اسقطها البرلمان. وبالتالي إذا كنا نحترم إرادة الشعب فيجب الالتزام بهذا القرار الصادر عن مؤسسة تشريعية، ومن المؤسف والغريب، أن يسقط البرلمان مادة في القانون الإطار ويتم ارجاعها من باب تقرير النموذج التنموي الجديد.