الرباط-متابعة
أكد السفير المغربي في إيطاليا، يوسف بلا، اليوم الاثنين في روما، أن المغرب يتمتع بموقع متميز للمساهمة في إقامة سياسة جديدة لحسن الجوار بين أوروبا وشركائها الإقليميين عبر البحر الأبيض المتوسط.
وأوضح الدبلوماسي، خلال تقديم الماستر الجديد للجامعة الدولية عن ب عد (أونينتونو)، والذي يحمل عنوان “دراسات حول الاتحاد الأوروبي: الثقافات والتاريخ والسياسات والآفاق الدولية”، أن المملكة بصفتها فاعلا مؤسسا للشراكة الأورو متوسطية، ترى أن “شراكة قوية بين الفضاء الأورو متوسطي يمكن أن تكون رافعة مهمة لتطوير العلاقات الأوروبية العربية والأوروبية الإفريقية”.
وأشار السفير إلى أن المغرب، الدولة العربية والإفريقية، يتمتع بموقع جغرافي فريد يجمع بين حضارتين وثقافتين، مسجلا أن المملكة مرتبطة بأوروبا من خلال الروابط التاريخية والصداقة والقرب الجغرافي.
وأضاف “لقد عملنا دائما على تحقيق فضاء متوسطي مستقر ومزدهر لصالح الجميع وعلى جميع المستويات”، مشيرا إلى أن التعاون الإقليمي الأورو متوسطي لا يسهم فقط في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بل يعزز أيضا القيم المشتركة ويوفر ظروف استقرار للحوض المتوسطي بأكمله.
ووفقا للدبلوماسي، “يحتاج الفضاء المتوسطي أكثر من أي وقت مضى إلى إطار شراكة متعدد الأطراف وإقليمي يتناسب مع واقع المنطقة وشعوبها”.
وأضاف أن تطور المشهد الجيوسياسي للبحر الأبيض المتوسط سيكون نتيجة لعلاقاته مع الاتحاد الأوروبي وربما أكثر من ذلك مع البحر الأسود والشرق الأوسط وإفريقيا. وتطرق السفير أيضا إلى الشراكة الأورو متوسطية (مسلسل برشلونة) “التي شكلت عند إطلاقها إطارا نموذجيا للشراكة والتعاون بين ضفتي المتوسط”.
وأشار إلى أنه على مدى 30 عاما تقريبا، نجحت هذه العملية في تجسيد هوية جيوسياسية وبناء حوار مؤسساتي وتعاون على جميع المستويات، لكنه لفت الانتباه إلى أن تطورها تعرض لترددات بسبب التحديات المعقدة والمتعددة.
وأضاف بلا أنه علاوة على الصراعات المستمرة، ظهرت تهديدات أخرى على جميع الجوانب، بما في ذلك الجغرافية والإنسانية والمناخية، حيث أشار إلى أن البحر الأبيض المتوسط “شهد ومازال يشهد اضطرابات وتحولات أعمق وأكثر تدميرا إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لمعالجة الأمر”.
واعتبر أن “عملية برشلونة لا تزال، في غياب بديل آخر، مكتسبا هاما وإطارا مؤسساتيا ضروريا للحفاظ على الحوار الإقليمي مع مؤسسات عديدة ومجموعة متعددة من الإجراءات”.
ودعا السفير إلى تعزيز عملية برشلونة والاستفادة من مكتسباتها وتكييفها مع الواقع الإقليمي والدولي الجديد، مؤكدا على ضرورة تأسيس علاقات قوية ودائمة بين الاتحاد الأوروبي والبلدان المتوسطية، من خلال اتفاقات التعاون الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، بالإضافة إلى التبادل الثقافي والتعليمي المكثف.
وفي رأي بلا، يجب أن تعمل أوروبا من أجل الاستقرار والأمن في المنطقة عن طريق تشجيع الدبلوماسية والوساطة والتعاون الأمني، مسجلا أن القارة العجوز يمكنها أن تسهم في النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية للبلدان المتوسطية من خلال تشجيع الاستثمارات وتعزيز التجارة ودعم الإصلاحات الهيكلية، مما يساهم في تقليل الفوارق وخلق فرص العمل وتحسين ظروف الحياة.
وأشار الدبلوماسي إلى أن الاتحاد الأوروبي والبلدان المتوسطية يتقاسمون تحديات مشتركة، بما في ذلك الهجرة وتغير المناخ
وإدارة الموارد الطبيعية، مؤكدا أن التغلب على هذه التحديات يتطلب نهجا منسقا يشجع على التعاون الإقليمي والمبادرات المشتركة، وتعزيز الحوار بين الثقافات وتبادل المعرفة والتفاهم المتبادل بين البلدان المتوسطية وأوروبا من أجل بناء هوية أورو متوسطية مشتركة.
وشارك في تقديم هذا الماستر الجديد بعثات دبلوماسية لعدة دول متوسطية، وشخصيات أكاديمية وسياسية أوروبية وإيطالية، بما في ذلك الرئيس السابق للجنة الأوروبية ورئيس الوزراء السابق لجمهورية إيطاليا، رومانو برودي.