إعداد- عماد مجدوبي
قبل الاستعمار الفرنسي شهد المغرب فترة حكم السلطانين المولى الحسن الأول والمولى عبد العزيز والتي امتدت من سنة 1860 الى 1912 . تلك فترة حرفت أحداث تمرد من القبائل دفعت السلطان للتحرك المتواصل عبر محلاته,وهي التسمية التي اطلقت حينها على الجيش السلطاني.
تلك الفترة دون فصولا منها الطبيب الفرنسي لويس أرنو Louis Arnaud استنادا الى رواية شفوية للحاج سالم العبدي أحد قادة الجيش البخاري السلطاني (توفي 8 أبريل 1938 بالرباط)، وأصدر كتابا حولها سماه: زمن «لمحلات» أو المغرب ما بين 1860 و1912 .(Au temps des «mehallas»- ou Le Maroc de 1860 à 1912). وسنقتبس اهم لحظاتها طيلة شهر رمضان الكريم .
الجزء الرابع/ عسكر وجند السلطان :
إضافة إلى التشكيلات العسكرية السابقة وعتادها, يحمل القياد نفس سلاح العسكر، ويتحدث سالم العبدي هنا عن الرجال ذوي الخناجر (الكميات) وليس عن الوزراء والكتاب، والمتعلمين منهم والذين يحملون أيضا محفظة (شكارة من جلد مشدودة بحبل من جلد وغيره)، فهؤلاء لا علاقة لهم بالحروب ولا يحملون إلا أقلامهم القصبية الرقيقة الرأس.
يأتي أولئك المسخرين من نفس القبائل الموالية للمخزن، إنهم يتوارثون هذه المهنة أبا عن جد. ويتجمعون أثناء «الحركات» حسب قبيلتهم الأصلية تحي امرة قائد الرحى، ويشكلون مجموعات بتعداد مهم. هناك ما بين 1500 جندي بخاري، و500 من الوداية و500 من الشراغة، و400 من الشراردة و300 من المتحدرين من سوس.
خلال الأيام العادية، يتوزع أولئك الجند على مختلف أجنحة القصر: منهم مروضو الخيول، السعاة، ومنظفو إسطبل البغال والخيول، أصحاب السلاح، معدو الخيام والأسرة، معدو الشاي، مهيئو ماء نظافة السلطان… وعندما يحين موعد «حركة» فإنهم يستعينون بسلاحهم ويرافقون السلطان، ويبنون خيامهم على شكل دائري حول «الفراك»، مشكلين بذلك بذلك حزاما أمنيا للحراسة.
وعند تواجدهم في المدن الكبرى فإنهم يعيشون مع عائلاتهم في «نوايل» أي بيوت مجتمعة أو في منازل مجاورة لدار المخزن. إنهم وأبناؤهم في خدمة السلطان والمخزن، فالأبناء يلتحقون بسلك الجندية أو يصبحون «مسخرين»، بينما تشتغل الفتيات لدى العائلات المخزنية أو داخل القصر.
إلا أن سيدي محمد الرابع بن عبد الرحمان والد السلطان مولاي الحسن الاول الذي كان يطمح إلى تكوين جيش قوي، حين لاحظ أن عدد المسخرين غير كاف، فقد أحصاهم يوما ووجد أن عددهم لا يتعدى الألف فقط، ونصفهم يذهب في حين يبقى النصف الآخر قارا للحراسة أو للعمل داخل دار المخزن في غياب السلطان, لذلك قرر اعادة النظر في تشكليتهم.
وبالنسبة للبحرية العسكرية, فهي لم تكن بشكلها العصري. كانت هناك بعض المدفعيات فقط، وأيضا فرقاطة أو فرقاطتين بمدينة العرائش، وهي لا تفيد في شيء، خاصة أنه لم يكن لها «رايس» أو ربابنة وبحارة مؤهلون لقيادتها.
ولم تكن هناك أيضا مصلحة طبية في عهد السلطان سيدي محمد الرابع، ولم يتم توفير الأطباء في المحلة إلا في عهد مولاي الحسن مع قدوم الأطباء الفرنسيين الأوائل كالطبيب «ليناريس» و«جفاري»، اللذين كانا يحظيان باحترام وتقدير وحب كبيرين. وإلى جانبهما متعلم يدعى مولاي أحمد الزواق، والذي يعتني بفئة المهندسين ويقدم علاجاته لهم أثناء الحملات، وأثناء التوقفات كان الجنود يلجأون إلى المعالجين التقليديين من الساكنة المحلية.
يتبع ..
مراجع معتمدة :
• Louis Arnaud،.(Au temps des «mehallas»- de 1860 à 1912). ou Le Maroc
* محمد بن عمر / ترجمة «زمن المحلات أو الجيش السلطاني ما بين 1860 و1912» لمؤلفه «لويس أرنو» (الطبعة الأولى – 2002، الناشر: أفريقيا الشرق – الدارالبيضاء / بيروت)
*^الناصري: الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1997، الجزء 9، ص 207
* مجلة دعوة الحق. عدد 116 و96.
“* مؤلف جماعي “المغرب زمن السلطان المولى الحسن الأول (1873-1894 ، إشراف عبد القادر سبيل وإبراهيم أزوغ. منشورات كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة الحسن الأول بسطات
• جان مارى شيفير: “المغرب في عهد السلطان الحسن الأول 1989م