إعداد- عماد مجدوبي
قبل الاستعمار الفرنسي شهد المغرب فترة حكم السلطانين المولى الحسن الأول والمولى عبد العزيز والتي امتدت من سنة 1860 الى 1912 . تلك فترة حرفت أحداث تمرد من القبائل دفعت السلطان للتحرك المتواصل عبر محلاته,وهي التسمية التي اطلقت حينها على الجيش السلطاني.
تلك الفترة دون فصولا منها الطبيب الفرنسي لويس أرنو Louis Arnaud استنادا الى رواية شفوية للحاج سالم العبدي أحد قادة الجيش البخاري السلطاني (توفي 8 أبريل 1938 بالرباط)، وأصدر كتابا حولها سماه: زمن «لمحلات» أو المغرب ما بين 1860 و1912 .(Au temps des «mehallas»- ou Le Maroc de 1860 à 1912). وسنقتبس اهم لحظاتها طيلة شهر رمضان الكريم .
الحلقة الثانية عشر/ السلطان يستعيد السيطرة على مدينة فاس
دار النقاش بين أعيان فاس وممثل السلطان, وأعاقت الأبواب, وكما وضعت الحصون تحت حراسة مشددة، وفي اليوم الموالي أرسل السلطان بعض المخزنيين للاستطلاع، وكان قلقا من تطور الأحداث.
ولم يكد يصل هؤلاء المخزنيون إلى باب بوجلود حتى انهال عليهم وابل من الرصاص، فردوا بالمقابل لتبدأ المواجهة. وشرع حصن باب محروق بالقصف بمدافع المحلة المعسكرة حول قصبة الشراردة، وعلى الفور أعطى مولاي الحسن الأمر لأفواجه بالهجوم على المدينة.
تقدم السلطات بوحداته العسكرية إلى مرتفع البطحاء لتهديد صومعتهم، وكان الفاسيون المتواجدون بمسجد بوجلود يطلقون مدفعياتهم التي تقترب لتقوية صفوفهم. ووسط هذه الأحداث اقترح موحى، قائد رحى «الطبجية»، اقتحام باب بوجلود الصغير المؤدي إلى «الجنانات» بواسطة عناصر المشاة.
ونزل الحاج منو مع عساكره وفرسانه منة قصبة الشراردة نحو باب «بوجلود»، وهناك انتشروا في الحدائق على طول النهر، لكن طلقات البنادق المنطلقة من صومعة المسجد كانت تعرقل تقدم تحركات عساكر الحاج منو.
واضطر هذا الأخير ليستنجد بقائد الرحى موحى من أجل اسكات أولئك والقضاء عليهم، فقصف موحى المسجد حتى انقسمت الصومعة إلى قسمين، كما قتل أعداد من الفاسيين، فاستغل الحاج منو الوضعية الجديدة، وقام باقتحام السور المحيط بالمدينة، ودخل بجنوده إلى غاية حي «الدوح».
وعلى وقع ذلك الهجوم، فر الفاسيون هلعا من تقدم العساكر المتحمسين، وتركوا وراءهم أسلحتهم، وهكذا تم إخلاء المسجد من كل من يتواجد به، إلا أن بعض عساكر السلطان بدأوا في نهب كل ما تقع عليه أيديهم في الأزقة والشوارع المؤدية إلى المدينة، واقتحموا الفنادق، وكسروا أبواب المحلات التجارية، ونهبوا كميات من الغنائم. حينها أطلقت المدفعية أربعين طلقة والستين نافورا لمحلة السلطان الذي كان يتابع العمليات بمنظاره من على مقصورة «قبة النصرة»، وأعطى أوامره للجنود من داخل «البنيقات» بالتريت، وعدم المبالغة في قتل ونهب الممتلكات.
عاد بعض الجنود من المواجهة، ومعهم عددا من الأسرى والأثواب والسلع المختلفة بالإضافة إلى النقود في الجيوب، وبذلك تمكن الحاج منو من التحكم في في حي بوجلود، ولم يتبق أمامه سوى جبهة قوية هي «قصبة فيلالة»، وهناك كان أبناء تافيلالت يقدمون العون للفاسيين، واحتار الحاج منو في الجهة التي سيرابط بها رفقة جنوده بعد أن علم فجأة أن أهل فيلالة قد انضموا إلى المخزن، وبدأوا في قصف من تبقى من ساكنة فاس بمنطقة «الطلعة». وهذا ما وقع:
فأمام تقدم الأفواج من جنود السلطان التي حاصرت الفاسيين من كل الجهات، تملك الخوف أهل فيلالة، فعقدوا اجتماعا فيما بينهم، وسألهم أحدهم:
– لقد تشاجر أبي مع أمي، وقررا الانفصال، فأيهم سأتبع يا أهل فيلالة؟
– فرد عليه: عليك باتباع من له الحق .
يتبع..
مراجع معتمدة :
• Louis Arnaud،.(Au temps des «mehallas»- de 1860 à 1912). ou Le Maroc
* محمد بن عمر / ترجمة «زمن المحلات أو الجيش السلطاني ما بين 1860 و1912» لمؤلفه «لويس أرنو» (الطبعة الأولى – 2002، الناشر: أفريقيا الشرق – الدارالبيضاء / بيروت)
*^الناصري: الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1997، الجزء 9، ص 207
* مجلة دعوة الحق. عدد 116 و96.
“* مؤلف جماعي “المغرب زمن السلطان المولى الحسن الأول (1873-1894 ، إشراف عبد القادر سبيل وإبراهيم أزوغ. منشورات كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة الحسن الأول بسطات
• جان مارى شيفير: “المغرب في عهد السلطان الحسن الأول 1989م