لم يجد مواطن وهو يُصدم بسعر السردين الذي تجاوز الـ20 درهما في أولى أيام رمضان غير عبارة “مراكش قالوا بعيد”..فنموذج عبد الإله “مول لحوت” الذي أعطى المغاربة أملا في إمكانية انخفاض الأسعار، وأن يخجل “الشناقة” من سرقة جيوب المواطنين، ربما لم يتجاوز أثره حدود “الفايسبوك” و”التيك توك”، والحي الذي يبيع فيه عبد الإله السمك.
مع دخول شهر رمضان الكريم، كان المواطن المغربي يعول على أن يكون هذا الشهر، الذي تُفترض فيه الرحمة والتضامن، فرصة لتخفيف وطأة الأسعار ورفع المعاناة عن الأسر. لكن الذي وقع أن السلع الأساسية التي يرتفع عليها الإقبال، من خضر مثل الطماطم والأسماك والفواكه، أصبحت أكثر من نار على علم، لدرجة أن المواطن بدأ يتساءل: هل فعلاً كانت هناك وفرة في المواد الغذائية كما روجت الحكومة؟ أو أن هناك شيئاً آخر يحدث وراء الستار؟
اليوم الأول من رمضان جاء ليكشف عن واقع مرير: أسعار المواد الغذائية في ارتفاع مستمر، والزيادة في الأسعار أصبحت تُفرض على الجميع وكأنها أمر واقع لا يمكن تغييره. من الخضروات إلى اللحوم، كلها ارتفعت أسعارها بشكل مبالغ فيه، وكأن السوق أصبح ملكاً للمضاربين والشناقة الذين يعبثون بالقوة الشرائية للمواطنين.
حتى ما تم الترويج له في مواقع التواصل الاجتماع بشأن انخفاض أسعار الماشية بشكل دراماتيكي، ربما يتجاوز أثره حدود هذه المواقع. فالواقع يختلف عن المواقع، وما يتم الحديث عنه من وجود لحوم بـ50 درهما، يقابله واقع آخر في أغلب محلات بيع اللحوم: “100 درهم للحم العجل..وأكثر من 130 درهم للحم الخروف”.
طيلة الأسابيع التي سبقت رمضان، ظل المسؤولون الحكوميون يطمئنون المواطنين بأن الحكومة قد اتخذت جميع التدابير اللازمة لضمان استقرار الأسعار خلال هذا الشهر الفضيل. لكن الواقع كان مغايراً تماماً. السوق المغربي يبدو وكأنه يعيش حالة من الفوضى، حيث تتزايد الأسعار بشكل يومي دون أن تحرك الحكومة ساكناً. وبدلاً من أن نشهد رقابة صارمة على الأسواق، نجد أن بعض التجار يستغلون الوضع لإثراء أنفسهم على حساب المواطن البسيط.
والأسوأ من ذلك هو أن المواطنين أصبحوا يشعرون بأن الحكومة تغرد خارج السرب، فكلما حاولوا أن يسألوا عن الأسعار المرتفعة، كانت الإجابات دائماً واحدة: “إنه العرض والطلب”، وكأن هذا التبرير يكفي لفك أزمة جيب المواطن. لكن من يراقب السوق المغربي عن كثب يدرك أن هناك مستفيدين محليين لا علاقة لهم بالأسواق العالمية ولا بالعرض والطلب، بل هم مجرد مضاربين يسعون إلى جني الأرباح على حساب جيوب الناس.
“فين هي مراقبة الأسعار؟” هذا هو السؤال الذي يطرحه الجميع في السوق. فأينما ذهبت، تجد أن الأسعار تتفاوت بشكل غريب من محل إلى آخر، وكأن هناك من يضع الأسعار وفقاً لمزاجه الخاص، دون مراعاة للقدرة الشرائية للمواطنين.
المضاربين، أو كما يُطلق عليهم في السوق “الشناقة”، أصبحوا يتحكمون في الأسعار بشكل شبه كامل. يستغلون أي فرصة لرفع الأسعار دون حسيب أو رقيب، ولا يُعيرون اهتماماً لنداءات الحكومة التي تُطالب بتوفير المواد بأسعار معقولة. الكارثة أن الحكومة لا تزال تكتفي بالتصريحات والتعهدات، بينما المواطن يظل يدفع الثمن..لدرجة أن حتى وزراءها يشتكون من الغلاء، ويرفع أمامنا شعارات “اللهم إن هذا منكر” و”اتقوا الله في المغاربة”..كما فعل نزار بركة.