الرباط-أسامة بلفقير
يواجه حزب العدالة والتنمية مفترق طرق حاسماً يحدد مستقبله السياسي. فهل سيغتنم الحزب الفرصة ليتحول إلى مؤسسة سياسية حقيقية، أم سيظل أسيراً لدائرة ضيقة متمحورة حول شخصية عبد الإله ابن كيران؟ رغم الخطاب المؤسساتي الذي يتبناه الحزب، إلا أن تصريحات قياداته وسلوكياتهم تكشف عن انشغال مستمر برد الاعتبار لما يعتبرونه “إهانة العزل” التي تعرض لها بنكيران، وهو ما يطغى على أي جهد لبناء رؤية سياسية مؤسساتية بديلة.
هذه الشخصنة المفرطة للعمل السياسي تعيق تطور الحزب، وتجعله أسير صراعات شخصية، بدلاً من التركيز على تطوير خطابه وأدائه المؤسساتي.
كما تعكس تصرفاته تناقضاً بين الادعاء بالتجديد السياسي والاستمرار في نفس مربعات الولاء الشخصي والعاطفي للقيادة، مما يضعف قدرته على تقديم نفسه كبديل سياسي ناضج ومتجاوز لمنطق الجماعة المغلقة.
التركيز المفرط على شخص بنكيران، والذي يظهر جلياً في تصريحات قيادات الحزب، يطرح تساؤلات حول مدى قدرة الحزب على تجاوز مرحلة القيادة الكاريزمية والتحول إلى مؤسسة حزبية قادرة على الاستمرار والتطور بغض النظر عن الأفراد. فهل يمتلك الحزب القدرة على بناء مؤسسات قوية قادرة على صياغة السياسات واتخاذ القرارات بشكل جماعي، أم أنه سيظل رهينًا بقرارات شخصية؟
غياب رؤية سياسية مؤسساتية بديلة، يظهر في عدم قدرة الحزب على تقديم حلول مبتكرة وفعالة للتحديات التي تواجه المجتمع المغربي. وبدلاً من ذلك، يركز الحزب على استعادة الماضي وتصفية الحسابات السياسية، مما يجعله يبدو وكأنه يعيش في الماضي بدلاً من التطلع إلى المستقبل.
استمرار الحزب في التركيز على رد الاعتبار لبنكيران، بدلاً من بناء رؤية سياسية مؤسساتية، يضعف من مصداقيته لدى الرأي العام. فالناخب المغربي يتطلع إلى أحزاب سياسية قادرة على تقديم حلول عملية لمشاكله، وليس إلى أحزاب منشغلة بصراعاتها الداخلية.
ويتطلب تحول الحزب إلى مؤسسة حزبية حقيقية، من قياداته تجاوز الخلافات الشخصية والتركيز على بناء مؤسسات قوية قادرة على صياغة السياسات واتخاذ القرارات بشكل جماعي. كما يتطلب من الحزب تطوير خطابه السياسي ليكون أكثر انفتاحاً على المجتمع المغربي وقادراً على تقديم حلول مبتكرة للتحديات التي تواجهه.
سيؤدي فشل ”بيجيدي” في التحول إلى مؤسسة حزبية حقيقية إلى تراجع دوره السياسي وتهميشه في المشهد السياسي المغربي. فالحزب الذي لا يستطيع تجاوز الخلافات الشخصية وبناء مؤسسات قوية لا يمكنه أن يكون شريكاً فاعلاً في بناء مستقبل المغرب.
وأمام إخوان ابن كيران اليوم فرصة تاريخية ليثبت قدرته على التطور والتجدد. فهل سيغتنم الحزب هذه الفرصة ويتحول إلى مؤسسة حزبية حقيقية، أم أنه سيظل أسيراً لدائرة ضيقة متمحورة حول شخص بنكيران؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مستقبل الحزب ودوره في المشهد السياسي المغربي.
التحدي الأكبر الذي يواجهه الحزب هو تجاوز ثقافة الولاء الشخصي والتحول إلى ثقافة المؤسسة. وهذا يتطلب من قيادات الحزب إظهار قدر كبير من النضج السياسي والمسؤولية، والتركيز على بناء مؤسسات قوية قادرة على صياغة السياسات واتخاذ القرارات بشكل جماعي.
في النهاية، يبقى مصير الحزب معلقاً على قدرته على تجاوز الخلافات الشخصية وبناء مؤسسات قوية. فهل سيتمكن الحزب من تحقيق هذا التحول؟ الأيام القادمة ستكشف عن الإجابة، مباشرة بعد المؤتمر الذي يطل على الأبواب.