الرباط-عماد مجدوبي
حمل العفو الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب رمزية خاصة ومتفردة. ففي خطوة جديدة تعكس عمق الالتزام الملكي بتحقيق العدالة الاجتماعية وتعزيز المصالحة الوطنية، أصدر الملك محمد السادس عفواً ملكياً عن مجموعة من صغار المزارعين الذين كانوا موضوع متابعات قضائية بسبب زراعتهم غير القانونية للقنب الهندي.
هذه المبادرة تأتي في إطار رؤية ملكية متكاملة تهدف إلى معالجة الأوضاع الإنسانية للمزارعين، وتأكيد روح التسامح والوئام في المجتمع المغربي.
فالعفو الملكي عن صغار المزارعين ليس مجرد خطوة إجرائية، بل هو مبادرة إنسانية تهدف إلى معالجة الأوضاع الصعبة التي يعيشها هؤلاء المزارعون. ويتجاوز هذا القرار حدود الرحمة الفردية ليصبح خطوة مهمة تؤكد نجاعة النهج الملكي السامي في تحقيق التوازن بين المتطلبات الوطنية وضرورات المصالحة والانفتاح. فهذا النهج الحكيم يعزز من مكانة المغرب كنموذج فريد في المنطقة، ويؤكد دوره الرائد في تبني سياسات إنسانية واجتماعية متقدمة.
كما تأتي هذه المبادرة الملكية لتجدد التأكيد على التقليد الملكي الراسخ الذي يسبغه الملك محمد السادس على رعاياه. فجلالة الملك، باعتباره رمزاً لكل المغاربة، يبعث برسالة قوية حول قيم الرحمة والمغفرة التي تشكل أساساً لتعزيز النسيج الاجتماعي وتوطيد الوئام الوطني. فهذا العطاء والتعاطف الذي يميز عهد الملك محمد السادس، يعكس التزامه العميق بتحقيق العدالة الاجتماعية وتقليل الفوارق الاقتصادية.
وفي سياق مواز، تشكل هذه الخطوة الملكية الحكيمة دليلاً آخر على الالتزام الراسخ لجلالته بتحقيق العدالة الاجتماعية. فمن خلال هذا العفو، يسلط الملك محمد السادس الضوء على أهمية تقليل الفوارق الاقتصادية والاجتماعية، مما يعزز من فرص الإدماج الاجتماعي لهؤلاء المزارعين. كما أن القرار يساهم في إنهاء الرواسب السلبية التي تفرزها الزراعة غير المشروعة للقنب الهندي، خاصة على صغار الفلاحين الذين كانوا يعيشون تحت تهديد الاعتقال ومخالفة القانون.
وفي هذا الإطار، يأتي قرار العفو هذا تثمينا لجهود المغرب في مكافحة الزراعة غير القانونية للقنب الهندي، ويؤكد على أهمية إدماج المزارعين الصغار في مسلسل التنمية. فالمبادرة الملكية تسعى إلى ربط جسور المصالحة مع أولئك الذين كانوا موضوع متابعات قانونية بسبب ممارساتهم غير المشروعة، مما يساهم في تحسين ظروفهم المعيشية وإدماجهم في الاقتصاد القانوني.
ويمثل بذلك هذا العفو الملكي خطوة نحو مصالحة اجتماعية جديدة تنخرط في إطار التحولات الكبرى التي شهدها المغرب خلال السنوات الماضية. هذه التحولات تصب جميعها في اتجاه الاستقرار الداخلي والتنمية المستدامة، وتعزز المكتسبات التي حققتها المملكة في مجال حقوق الإنسان.
كما سيفتح المغرب، من خلال هذا العفو، صفحة جديدة مع المزارعين الصغار، مما يساهم في تقوية العلاقات بين المواطنين والدولة، وتعزيز اللحمة الوطنية. كما أن التأثير الإيجابي لهذا القرار يتجاوز البعد الشخصي ليشمل كافة شرائح المجتمع المغربي، مؤكداً أن المملكة تسير بثبات نحو مستقبل أكثر إشراقاً.
وخلاصة للقول، فإن العفو الملكي عن صغار المزارعين يجسد نهجاً إنسانياً يتماشى مع القيم المغربية الأصيلة، ويعكس التزام الملك محمد السادس ببناء مجتمع متماسك يقوم على أسس العدالة الاجتماعية والمصالحة الوطنية. هذه الخطوة الملكية ليست فقط رسالة تسامح ومغفرة، بل هي أيضاً تأكيد على أن المغرب سيظل نموذجاً رائداً في المنطقة، يحتذى به في مجال تعزيز حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة.