24 ساعة-متابعة
في خضم الزخم المتصاعد حول دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، والذي توج بإعلان حكومي عن تعبئة غلاف مالي سنوي قدره 12 مليار درهم، بدأت أصوات داخل القطاع تعبر عن قلقها من توجهات اعتبرت “تحايلا منظما” يهدف إلى تحويل وجهة الدعم نحو فئات ليست أولى به.
تحولت فعالية “Carrefour de la TPME”، التي نظمها الاتحاد العام لمقاولات المغرب مؤخرا، إلى موضوع انتقاد من قبل فاعلين في القطاع، يتزعمهم عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، والذي عبر عن امتعاضه مما وصفه بـ”تهميش ممنهج” للمقاولات الصغرى في كل اللقاءات المخصصة للنقاش حول مستقبلها.
في هذا السياق، قال الفركي في تصريح لـ “24 ساعة” إن “الاتحاد العام لمقاولات المغرب لم يعر اهتماما جديا للمقاولات الصغيرة إلا بعد أزمة شركة ‘البناؤون الشباب’ التي يملكها رئيس الاتحاد نفسه، شكيب لعلج، العام الماضي”، مشددا على أن تدخل الكونفدرالية حينها هو ما أعاد ملف المقاولات الصغرى إلى الواجهة.
وجه المتحدث نقدا لاذعا لملتقى “Carrefour de la TPME”، مؤكدا أن “الحضور كان شبه حصري لممثلي المقاولات الكبرى والمجموعات الاقتصادية”، متسائلا: “كيف يعقل أن يروج أحد المتدخلين خلال الملتقى لقصته من مقاولة صغرى إلى إمبراطورية تحقق ما بين 6 و8 مليارات درهم وتشغل آلاف المستخدمين؟ هذا استخفاف بعقول المهنيين”.
ووصف الفركي الزخم الحالي المحيط بالمقاولات الصغرى بـ”برامج الدقيقة 90″، مشيرا إلى أنها تطفو على السطح مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، فيما “الحوار الحقيقي يدور في الخفاء حول كيفية تقاسم أموال الدعم بين الحكومة ودوائر الباطرونا”
كما انتقد رئيس الكونفدرالية في ذات التصريح، ما وصفه بـ”الإقصاء المتعمد” لتمثيلية المقاولات الصغيرة التي تفوق، بحسبه، ستة ملايين وحدة، مشددا على أنها الفئة الأكثر احتياجا إلى الدعم العمومي في ظل التحديات المالية الخانقة.
وأشار المسؤول إلى أن هذه الفئة لا تزال تعاني من ديون متراكمة تجاه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والمديرية العامة للضرائب، التي “لا تتردد في الحجز على ممتلكات المقاولين الصغار”، في الوقت الذي تغض فيه الطرف، حسب قوله، عن شركات كبرى تدين للدولة بمبالغ ضخمة تفوق 67 مليار درهم.
كشف الفركي أن المقاولات الصغيرة تخسر ما يناهز 60 مليار درهم سنويا منذ عام 2013، وذلك بسبب تهميشها في صفقات الدولة، رغم أن القانون يمنحها حصة 20% من الطلبيات العمومية، وهي نسبة يقول إنها لا تحترم عملياً. كما لم يخفِ استياءه من “تناقض المواقف داخل الحكومة”، متسائلا: “كيف تدعونا وزيرة المالية إلى الحوار، بينما يسخر المدير العام للضرائب من مطالبنا ويتصرف كأن مؤسسته فوق القانون؟”
وتجدر الإشارة إلى أن المقاولات الصغيرة والمتوسطة تشكل ما يقرب من 98% من النسيج الاقتصادي الوطني، وتلعب دورا محوريا في خلق فرص الشغل، خاصة في ظل الارتفاع المقلق لمعدلات البطالة في المغرب خلال الأشهر الأخيرة.