الدار البيضاء-أسماء خيندوف
تعد جامعة القرويين في فاس بالمغرب، التي تأسست عام 858 ميلاديا، أقدم جامعة في العالم لا تزال تؤدي دورها حتى اليوم، وفقا لتصنيف منظمة اليونسكو وموسوعة غينيس للأرقام القياسية.
و تأسست الجامعة على يد فاطمة الفهرية، سيدة تونسية الأصل التي انتقلت مع عائلتها إلى المغرب. بدأت الجامعة كمركز للدراسات الدينية والإسلامية، قبل أن تتوسع تدريجيا لتصبح صرحا علميا يشتمل على تدريس العديد من التخصصات مثل العلوم، الرياضيات، الفلك، الطب والفلسفة.
وتعتبر القرويين أول مؤسسة تعليمية تمنح شهادات جامعية في التاريخ. كما لعبت دورا بارزا في تعزيز التبادل العلمي والثقافي بين الحضارات الإسلامية والأوروبية واللاتينية، مما جعلها مركزا علميا مرموقا في العالم آنذاك.
وفي هذا السياق، أوضحت صحيفة “لاراثون” الإسبانية أن الجامعة تقع داخل مسجد القرويين، وتتميز بمعمارها العربي الأخاذ، وساحاتها المزينة، وأقواسها الأندلسية، ونقوشها الهندسية الفريدة. هذا التصميم المعماري يعكس عبقرية وثراء الثقافة الإسلامية في العصور الوسطى.
وقد احتضنت الجامعة العديد من الشخصيات البارزة في تاريخ الفكر والعلم، مثل العالم ابن رشد، المؤرخ ابن خلدون، البابا سيلفستر الثاني، والفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون. و كل هذه الشخصيات تؤكد أهمية القرويين كحاضنة للعلم والفكر من مختلف الثقافات.
كما تضم جامعة القرويين مكتبة تعتبر من أقدم المكتبات في العالم، تحتوي على أكثر من 20 ألف مخطوطة، تشمل نصوصا قرآنية نادرة ومعاهدات علمية تعود للعصور الوسطى. إضافة إلى ذلك تساهم هذه المكتبة في حفظ التراث العلمي والديني الثمين الذي أثّر في مختلف المجالات المعرفية.
وأشارت “لاراثون” إلى أن جامعة القرويين تم دمجها في النظام التعليمي المغربي في عام 1947، وتمت تسميتها رسميا “جامعة القرويين” في عام 1965. ورغم تأسيسها على يد امرأة، لم تبدأ الجامعة في قبول الطالبات إلا مؤخرًا، مما يعكس تطورا تدريجيا في الانفتاح على مختلف الفئات المجتمعية.
و تركز جامعة القرويين اليوم بشكل رئيسي على الدراسات الدينية والقرآنية، وهي مفتوحة أمام الزوار من جميع الأديان والجنسيات، مما يعكس روح التسامح والانفتاح الثقافي. ومع ذلك، تتطلب زيارة مكتبتها ومخطوطاتها إذنا خاصا من الخبراء والباحثين، ما يعكس أهميتها التاريخية والعلمية الفريدة التي تبقى حية حتى اليوم.