ترشّح أودينغا للانتخابات الرئاسية في الأعوام 1997 و2007 و2013، ولم يفز في أي منها.وقال أودينغا إنه “من الواضح الآن أن لا أحد فوق القانون في كينيا”.
ورأى رئيس المحكمة العليا القاضي ديفيد ماراغا أن الانتخابات الرئاسية “لم تجر وفقا للدستور”. وقال “جوابا على ما إن كانت المخالفات قد أثرت على مصداقية الانتخابات، فإن رأي المحكمة هو كذلك فعلا”. وفور صدور قرار المحكمة، انطلقت الاحتفالات في الضواحي الفقيرة للعاصمة نيروبي وفي غرب البلاد، فيما شهدت المناطق الأخرى هدوئا.
وقالت لينيت أكيلو وهي بائعة سمك في ضاحية كيسومو “إنها المرة الأولى التي يتحقق فيها العدل، الحق عاد إلى بابا”، وهو لقب زعيم المعارضة أودينغا. وبذلك ألغيت نتائج الاقتراع الذي أسفر عن فوز الرئيس المنتهية ولايته أوهورو كينياتا. وصدر هذا الحكم فيما كانت قوات كبيرة من الشرطة تنتشر في محيط المحكمة. وفور الإعلان عنه علت هتافات أنصار أودينغا.
من جهة أخرى، أعلن كينياتا أنه “غير موافق” على قرار المحكمة العليا لكنه “يحترمه”. وقال كينياتا، أول رئيس افريقي تُلغى إعادة انتخابه بقرار من محكمة، في خطاب مرتجل وجّهه للشعب الكيني “أنا غير موافق شخصيا على القرار الذي اتخذ اليوم، لكنني أحترمه”. ودعا كل مواطنيه إلى الحفاظ على النظام العام، لكنه وصف ما جرى بأن “ملايين الكينيين اختاروا” ثم “قرر ستة أشخاص (من القضاة) معارضة الإرادة الشعبية”.
تغييرات في اللجنة الانتخابية
وقال رئيس المحكمة العليا القاضي ديفيد ماراغا إن كينياتا الذي تنافس مع أودينغا “لم يُنتخب ولم يعلن رئيسا بطريقة صالحة”. وأمر اللجنة المشرفة على الانتخابات بأن تنظم اقتراعا جديدا في مهلة ستين يوما، حسبما ينص الدستور.
ووجه القاضي اللوم إلى اللجنة قائلا إنها “فشلت وأهملت أو رفضت” تنظيم العملية الانتخابية بما يتوافق مع الدستور، متحدثا عن مخالفات في إصدار النتائج. وصوّب أودينغا سهامه أيضا إلى اللجنة، وقال إنه لا يثق بتاتا في قدرتها على تنظيم انتخابات جديدة.
وقال “ينبغي أن يرحل هؤلاء المفوضون، ومعظمهم ينبغي أن يكونوا في السجن”. وتعهّدت اللجنة الانتخابية أن تجري تغييرا في أعضائها استعدادا للانتخابات المقبلة. وقال رئيسها وافولا شيبوكاتي في مؤتمر صحافي بعد صدور الحكم “تنوي اللجنة إجراء تغييرات في أعضائها (..) فيما نحن نستعد لإجراء انتخابات جديدة”. ورحب أودينغا، وهو زعيم ائتلاف “التحالف الوطني العظيم” المعارض بذلك. وقال “إنه يوم تاريخي للشعب الكيني وأيضا لشعوب القارة الإفريقية”. في المقابل، ندد أحمد ناصر عبد الله أحد موكلي كينياتا بما وصفه بأنه “قرار مسيّس جدا”، محذرا من تبعاته على البلاد.
صدقية المحكمة
وكانت اللجنة المشرفة على الانتخابات أعلنت في الحادي عشر منغشت فوز كينياتا البالغ من العمر 55 عاما، والذي انتخب للمرة الأولى في العام 2013، وقالت إنه حصل على 54,27 % من الأصوات وإن منافسه أودينغا نال 44,74 % من الأصوات. وفور انتهاء عملية الاقتراع، سارعت المعارضة إلى الحديث عن تزوير وقررت أن ترفع الأمر إلى المحكمة العليا واضعة مصداقيتها على المحك.
ثم تقدمت المعارضة قبل أسبوع بطعن امام المحكمة العليا في نتائج الانتخابات، مشيرة الى أن “العملية بأكملها، بدءا من التصويت والتسجيل والنقل والتحقق وتأكيد النتائج، كانت عرضة للتزوير بشكل لا يمكن فيه الحديث عن نتائج ذات معنى”. وسبق أن واجهت المحكمة انتقادات حين رفضت في العام 2013 طلبا ماثلا تقدم به زعيم المعارضة، مستندة إلى اجتهاد قانوني غير حاسم. وبسبب ذلك، رفض أودينغا في أول الأمر تقديم طعن إلى المحكمة، ثم عاد واستجاب لضغوط الائتلاف والمجتمع الدولي.
“على طريق الديمقراطية”
وأعقب الإعلان عن فوز كينياتا في الحادي عشر من غشت يومان من أعمال العنف المتفرقة. وقتل 21 شخصا بينهم طفل وفتاة في التاسعة، أثناء التظاهرات وأعمال الشغب التي قمعتها الشرطة بعنف.
وقال محامو المعارضة في المحكمة إن العملية الانتخابية “جرت بشكل سيّئ وشابتها مخالفات بحيث لم يعد من المهم معرفة من فاز او من تم اعلانه فائزا”، وأن فرز النتائج شابته أخطاء “مقصودة ومحسوبة” لتضخيم عدد الأصوات الذي ناله كينياتا، وتقليل نتائج خصمه. وأقرت اللجنة بوجود “أخطاء بشرية سببها عدم الانتباه”، لكنها أكّدت أنها صححتها ووصفتها بأنها بسيطة جدا بحيث لا يمكن أن تؤثر على النتائج الإجمالية.
ولكينيا تاريخ طويل في الانتخابات التي تطعن المعارضة بنتائجها. ومال زال البلد يتذكر أعمال العنف الدامية التي وقعت بعد الانتخابات في 2007 و2008 وراح ضحيتها أكثر من 1100 قتيل. ويرى موريثي موتيغا الخبير في شؤون كينيا لدى مجموعة الأزمات الدولية أن قرار المحكمة يشكّل “إشارة قوية إلى أن كينيا باتت على طريق الديمقراطية الناضجة بشكل تدريجي”.