حاوره : عبد الرحيم زياد
وصف القيادي السابق البشير الدخيل، واحد من مؤسسي جبهة “البوليساريو”، و رئيس جمعية “منتدى البدائل الدولي” في حوار خص به جريدة “24 ساعة” الإلكترونية، جبهة البوليساريو، بكونها باتت “صكا تجاريا” و “شركة”متخصصة في بيع المتاجرة في المساعدات الإنسانية، من قبل قيادة الجبهة الانفصالية، ومن ورائها النظام الجزائري.
واعتبر الدخيل أن قادة “البوليساريو” يتعاطون بشكل ممنهج ، اختلاس المساعدات الإنسانية حيث تمكنوا من مراكمة الثروات وخلق الشركات وامتلاك العقارات في منتجعات اسبانيا، و في عموم أوروبا. فيما يالي نص الحوار :
تم مؤخرا تسريب عدد من الوثائق تخص ميزانية جبهة البوليساريو والتي وصلت الى 890 مليون، 800 مليون مقدمة من الجزائر وحدها، ما تعليقكم على هذا المعطى، وكيف ترون طريقة تدبير قيادة الجبهة الانفصالية لهذه الميزانية ؟
لايخفى على أحد أن جبهة البوليساريو، تخوض حربا بالوكالة لصالح الجزائر ضد المغرب، واستطاعت أن تسوق نفسها خارجيا على أنها “الضحية” ، و أنها “تناضل” من أجل تحقيق تقرير المصير، والحقيقة أن هذا التنظيم صار مجرد صك تجاري في يد قيادة أبدية، تسيطر على الدعم المالي الخارجي، وعلى سبيل المثال، المساعدات التي تغدق عليه من المجتمع المدني الإسباني، والتي تصل قيمتها إلى 80 مليون يورو، ولو قسمنا هذا المبلغ الكبيرعلى كل فرد من المحتجزين في مخيمات تندوف، لباتوا مرفهين، وفي وضع أفضل مما هم عليه اليوم، من قساوة ومعاناة طيلة 50 سنة ، كلها قتل بدون محاكمات وتشريد وبطش واضطهاد، في وقت تعيش فيه قيادة البوليساريو في رفاهية ونعيم، بفضل أموال تلك المساعدات، يمرحون في منتجعات اسبانيا و أروبا ، ويديرون الشركات والعقارات، التي خلقوها لأنفسهم من أموال المساعدات، التي تأتي من الاتحاد الأوروبي ومن جنوب افريقيا ، ومن ليبيا سابقا في عهد معمر القذافي، فضلا عن الجزائر الداعم الأبدي لهذا التنظيم الإرهابي، الذي أصبح كما قلت، شركة وصكا تجاريا ضخما في أيدي أشخاص لا يتعدى عددهم أصابع اليدين، شركة متخصصة في المتاجرة في المساعدات الإنسانية، و مآسي المحتجزين. الصحراويين فوق التراب الجزائري.
وقد صدرت عدد من التقارير في هذا الموضوع لعل أهمها ذلك الذي أصدره المكتب الأوروبي لمكافحة الغش سنة 2015، والذي أكد أن قادة “البوليساريو” يتعاطون بشكل ممنهج لاختلاس المساعدات الإنسانية.
كيف يحدث ذلك وما علاقة جنرالات الجزائر بذلك ؟
يحدث هذا للأسف برعاية من صانع هذا الكيان النظام الجزائري، الذي يستثمر ماديا في القضية وسياسيا من خلال إلهاء الشعب الجزائري، وإلهاؤه عن التفكير والمطالبة بحقوقه و الديمقراطية وبالعدالة الاجتماعية، لذلك قام بصناعة “كيان وهمي” واعتبر قضية الصحراء قضية مصيرية في محاولة منه لتصدير أزماته الداخلية وصرف نظر الشعب عن المطالبة بحقوقه، والشعب الجزائري هو أول ضحية لهذا المشكل، الجزائر التي ما فتئت تروج لخطاب أنها مكة الثوار عبر العالم، والداعمة لحركات التحرر العالمية، و الرائدة في عدم الانحياز و تقرير مصير الشعوب، كلها خطابات تضليلية، وشعارات خشبية ، والحقيقة أن هذا النظام يمتص من دم الشعوب سواء الشعب الجزائري أو الشعب الصحراوي المحتجز في مخيمات تندوف على التراب الجزائري..
ماهي قراءتكم لمضامين قرار مجلس السلم والأمن الإفريقي الأخير بشأن قضية الصحراء والذي أعلن المغرب عن رفضه له ولقي ترحيبا من قبل الجزائر؟
تقرير مجلس السلم والأمن الإفريقي، في رأيي لا يساوي الحبر الذي كتب به، و رفضه المغرب ومن حقه أن يرفضه، لأن القضية ببساطة لا تعني الإتحاد الإفريقي، فهي قضية تهم الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بصفة حصرية، والمسار الأممي قطع أشواطا طويلة في جهوده ،لإيجاد الحل ، ولا يمكن بالتالي بأي حال من الأحوال الرجوع إلى الوراء، أي إلى النقطة الصفر، كما أن مثل هذه التقارير التي تتغني بها الجزائر ليست سوى طوق نجاة، يحاول النظام الجزائري التمسك به، في محاولة يائسة وكرد فعل على التطورات الجديدة التي فرضت نفسها على الأرض، وفي مقدمتها الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه، وسلسلة افتتاح القنصليات لدول عديدة بكل من مدينتي العيون والداخلة، كلها أمور جعلت النظام الجزائري في وضع لا يحسد عليه، و يبحث عن أي فرصة لكي يعلن أنه على قيد الحياة، من مثل ردة فعله على التقرير المذكور الذي يبقى بلا قيمة ولا أهمية، أمام حصرية مجلس الأمن والامم المتحدة في إيجاد حل لهذا النزاع المفتعل.
على ذكر الاعتراف الأمريكي ماهي قراءتكم لهذا الاعتراف وماهي تأثيراته على مستقبل النزاع المفتعل في الصحراء المغربية؟
الذين ينتظرون تراجع الولايات المتحدة الأمريكية عن قرار اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه، هم في الحقيقة واهمون، لأن هذا القرار لم يأت ارتجاليا واعتباطيا، هكذا من أعظم دولة في العالم، خاصة من الناحية العسكرية، و من أكبر الممولين للأمم المتحدة، وهي دولة إدارة ومؤسسات إذا اتخذت قرارا ما، فهي تتخذه بناء على دراسات وتحليلات واقعية على الأرض، لذا فحين أقدمت على الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، تدرك ما تفعل، و تدرك أنها تضع يدها في يد أحد حلفائها التقليديين في المنطقة، و تجمعها معه علاقات ديبلوماسية عريقة ومصالح مشتركة، و مصالح مختلفة، لعل أهمها حاليا موضوع الإرهاب، الذي يعتبر رهانا مهما و محوريا، ومن أولى اهتمامات الولايات المتحدة الأمريكية، في سياق اقتصاد العولمة العابر للقارات، و منطقة الساحل والصحراء ، منطقة مهمة استراتيجيا ومهم لواشنطن أن يسودها الأمن والإستقرار، ووجدت في المغرب دولة جدية وحازمة في محاربة الإرهاب كذلك الشأن بالنسبة لملف الهجرة الغير نظامية، ولملفات إقليمية أخرى.
كما أن هذا الاعتراف هو بمثابة مؤشر مهم على قرب نهاية هذا الملف الذي عمر طويلا، وطيه نهائيا، عن طريق حل سلمي توافقي مبني على احترام السيادة المغربية، تحقق له وحدته الترابية، وبالتالي دخول المنطقة إلى مرحلة جديدة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تنشدها الشعوب المغاربية ، وهي رسالة واضحة لحكام وجنرالات الجزائر للرجوع عن غيهم، قبل أن يجرفهم تيار التاريخ.