أجرى الحوار: عبد الرحيم زياد
تزامنا مع حلول الذكرى 23 لاعتلاء الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية، وسعيا لتسليط الضوء على ما شهدته القضية الوطنية المتعلقة بالوحدة الترابية للمملكة، وكذا راهن ومستقبل النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، تستضيف جريدة “24 ساعة” الإلكترونية، المحجوب السالك، أحد مؤسسي جبهة بوليساريو، وزعيم المعارضة المعروفة بتيار “خط الشهيد”، و احد الذين خبروا الملف على مدى ما يقارب من نصف قرن من الزمن.
اللقاء مع زعيم تيار “خط الشهيد ” المنشق عن جبهة البوليساريو، تميز بالطرح السياسي المتجاوب مع المبادرات الملكية الشجاعة ،لوضع تسوية نهائية لنزاع الصحراء المفتعل، ولما فيه مصلحة ساكنة منطقة الصحراء سواء الذين يعيشون داخل وطنهم المغرب، أو أولئك الذين يعيشون بمخيمات تندوف على التراب الجزائري .
وهذا نص الحوار:
س: يخلد المغرب الذكرى 23 لاعتلاء الملك محمد السادس عرش المملكة المغربية، في رأيكم ما الذي ميز هذه المدة من حكم الملك محمد السادس؟ وما هي التطورات التي لفتت انتباهكم في تدبيره لملف الصحراء المغربية؟
ج: لقد كان حدث وصول الملك محمد السادس إلى سدة الحكم بالمملكة المغربية، حدثا مفصليا، بحيث كان قدوم الملك الشاب، بطموحات شبابية، وعقلية جديدة للحكم، تجلت في المصالحة مع الماضي، من خلال تأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة، وغلق ملف السجون والمعتقلات، وكذا الانفتاح على الأحزاب السياسية، لتولي السلطة عبر الانتخابات. وكذا تحسن أوضاع حقوق الإنسان، وتحسن مستوى حرية التعبير والرأي.
هي أمور لمسناها حقيقة، بحيث كنت قد غادرت المغرب مكرها قبل مرور 40 عاما، عقب مظاهرات طانطان، التي كانت بداية تأسيس جبهة البوليساريو،ولما عدت إليه، وجدت المغرب ليس ذلك المغرب الذي غادرته مرغما سنة 1973، هذه هي الحقيقة.
في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية ، ومع مجيئه أعطى الملك محمد السادس لقضية الصحراء عناية خاصة، تجلت في تأسيس الكوركاس، و إن كان لم يؤدي الدور المنوط به، لكنه كان له دور فعال، في طرح مبادرة الحكم الذاتي، كصيغة وتسوية مقبولة وواقعية، لحل النزاع وإعطاء الصحراويين أمر تسيير شؤونهم الاقتصادية والاجتماعية، وهي المبادرة التي شكلت ضربة، أزعجت الجزائر، وخلقت رغبة عند الصحراوين للعودة إلى بلادهم في إطار أن تنزيل المبادرة على أرض الواقع .
أيضا تمكن المغرب في عهد الملك محمد السادس من تحرير منطقة “الكركرات” بشكل نهائي، والقطع نهائيا مع مناورات البوليساريو ومن معها، وأصبحت بالتالي الطريق سالكة لربط المغرب بإفريقيا .
أيضا تم إركاع إسبانيا وإرغامها بمبادرة الحكم الذاتي،وهي التي كانت المستعمرة السابقة للمنطقة، دون أن نغفل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية، بالسيادة المغربية على الصحراء، أضف إلى ذلك قرار عدد من الدول فتح قنصليات لها بمدينتي العيون والداخلة اعترافا بسيادة المغرب عليها.
أظن أن هذا فخر واعتزاز يحق لنا في هذه ذكرى عيد العرش، أن نؤكد أن الملك محمد السادس، لعب دورا في تحقيق هذه الانتصارات الكبيرة ، فيما يتعلق بالنزاع حول الصحراء.
س: في معرض جوابكم تطرقتم إلى الموقف الأخير للمملكة الإسبانية من خلال إعلانها دعمها لمبادرة الحكم الذاتي، كتسوية مغربية جادة وذات مصداقية، ما هي قراءتكم لهذا الإعلان ؟
ج: إعلان اسبانيا عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي، كان بمثابة ضربة قاتلة ومؤلمة لكل من البوليساريو والجزائر، قبل أن يكون نصرا للمغرب، لأن كل دعايات البوليساريو،عبر منظمات حقوقية وعبر المجتمع المدني وعبر مساعدات ودعم وتضامن الذي كانت تتلقاه كان يأتي من إسبانيا. نقطة ثانية إسبانيا هي البلد المسير والمستعمر السابق لمنطقة الصحراء.وتعرفها جيدا.
و بعد مرور قرابة نصف قرن من النزاع لاتزال اسباينا معنية، بحيث لا يمكن أن يتحدث أحد عن النزاع ، إلا ويتحدث عن اسباينا، ولا يأتي أي ممثل خاص بنسبة للأمم المتحدة إلا ويزور إسبانيا، ويتحدث معها ، نظرا لأن إسبانيا هي التي وقعت على اتفاقية 14 نوفمبر التي سلمت بموجبها الصحراء لكل من المملكة المغربية وموريتانيا.
.من هذا المنطلق، فإن إسبانيا هي العضو الأساسي والفاعل في هذا النزاع ، واقتناعها بمبادرة الحكم الذاتي بعد مرور قرابة نصف القرن من قيام النزاع ،يؤكد ويظهر ويبين لأت لا حب إلا الحل الذي دعا اليه المغرب، المتمثل في الحكم الذاتي، ولذلك فإن الاعتراف الاسباني كان له تأثير على اعتراف عدد من الدول الأوروبية، وشجعها على دعم المبادرة المغربية، إذن فمادامت إسبانيا قد وافقت على حل الحكم الذاتي، فلماذا نتردد نحن؟ يجب أن نقف مع إسبانيا لأنها الأدرى قبل الجميع بشؤون و أمور منطقة الصحراء.
س : خلف هذا الإعلان الإسباني انزعاجا لدى الجزائر، ودخلت العلاقات الجزائرية ومعها جبهة البوليساريو في توتر كبير مع المملكة الإسبانية مارأيكم في هذا الأمر ؟خصوصا من الجانب الجزائري الذي لم يستسغ اعتراف إسبانيا بالمبادرة .
ج: لقد أشرت إلى هذا سابقا، وقلت بأن اعتراف إسبانيا هو ضربة مؤلمة لما تخطط له الجزائر وما تدعو إليه البوليساريو، وهذه الضربة المؤلمة أفسدت أحلامهما وتطلعاتهما ، إذن فالجزائر التي تتبنى حاليا البوليساريو، والتي تأكدت بأن البوليساريو لم تعد في مستوى تحقيق اي شيء، وجودها فقط لإزعاج المغرب.
لقد أصبحت البوليساريو قنبلة موقوت قابلة للإنفجار في أي لحظة ضد الجزائر نفسها، وحينما قررت إسبانيا هذا الاعتراف الشجاع الذي كان لملك المغرب الفضل الكبير، بفضل حنمته وتبصره، جعل رئيس الوزراء الإسباني يأتي إلى القصر الملكي في الرباط، و يعترف مباشرة وأمام العالم، بأن الحل لهذا النزاع هو الحكم الذاتي، هذا الأمر الذي أزعج الجزائر والبوليساريو، يؤكد أن القضية أصبحت في اطوارها النهائية، و هذه الاعترافات وهذه المكاسب التي يحقق المغرب، هي بداية النهاية بالنسبة للجزائر وقيادة البوليساريو.
س : ماذا عن مستقبل هذا النزاع المفتعل؟ في ظل الزخم الذي تعرفه القضية من خلال اعترافات الدولية بمبادرة الحكم الذاتي و اقدام دول عدة على فتح قنصليات بمدينتي العيون والداخلة بالصحراء المغربية ؟ و في خضم تكليف دي ميستورا كمبعوت أممي لإيجاد صيغة سياسية معينة للقضية ؟.
ج: دي ميستورا شخصيا لا انتظر منه شيئا، لأنه لن يأتي بأفضل ممن سبقوه، والحل لهذا النزاع سبق وأن قلته في كلمتي الرسمية أمام اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة، حيث دعوت المجتمع الدولي والضمير العالمي الي مساعدة المغرب، ودعوة المغرب وتشجيع المغرب لتطبيق الحكم الذاتي في الأقاليم الصحراوية لنوضع نهاية للنزاع.
الآن الحل الموجود حاليا، يتمثل في نقطتين اثنين لا ثالث لهما إما فبول الحكم الذاتي، او البقاء في الحمادة حيث أهالينا وأبناؤنا ونساءنا يعانون تحت الخيام، على مدى 50 سنة وقيادة من الانتهازيين و السماسرة يتاجرون بدماء ودموع وألم لأهلبينا المغلوبين على أمرهم، وما تقوم به قيادة البوليساريو حاليا،بدعم من الجزائر في المخيمات ليس إلا حكما ذاتيا بئيسا حقيرا وفقيرا بعيدا عن الوطن فوق التراب الجزائري.
النقطة الأساسية التي تفرض نفسها في هذا السياق، هي أن المغرب إذا طبق ونزل مبادرة الحكم الذاتي على أرض الواقع، فإن النزاع سينتهي نهائيا، حينما يرى الصحراويون المتواجدين في المخيمات على التراب الجزائري ذلك ستزداد قناعتهم بضرورة العودة والالتحاق بأخوتهم وأبنائهم وأقربائهم في العيون والسمارة وبوجدور والداخلة، وسيتوجهون بدون تردد إلى أرض وطنهم ليعيشوا مع اهاليهم في إطار الحكم الذاتي، و في إطار حكم دولة الحق والقانون.
أما إذا كان المغرب يتخذ من مبادرة الحكم الذاتي ورقة مفاوضات، ومناورة ضد الجزائر فسيبقى الحال كما هو عليه إلى ما لا نهاية، وسنعيش 50 سنة أخرى من النزاع الذي لافائدة ترجى منه، النزاع الذي كان بمثابة عقبة كأداء حالت وتحول دون تحقيق الحلم المغاربي الذي هو أمل وطموح الشعوب المغاربية قاطبة.