أكد الكاتب العام لوزارة الاقتصاد والمالية زهير الشرفي، اليوم الأربعاء بمراكش، أن تنمية القارة الافريقية واقلاعها وتحررها واستقرارها والنهوض بأوضاع شبابها، يشكل أولوية وواجبا ومسؤولية بالنسبة للمملكة المغربية.
وقال الشرفي في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية للدورة ال 38 لاجتماع لجنة الخبراء في إطار الدورة ال 52 لمؤتمر وزراء المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية الأفارقة للجنة الاقتصادية لإفريقيا، إن هذه القناعة تغذي سياسة التعاون التي ينهجها المغرب في إطار التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي ما فتئ منذ اعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين، يجعل من التعاون مع الدول الإفريقية، محورا أساسيا للسياسة الخارجية للمملكة.
وأضاف أنه انطلاقا من هذه القناعة، اقترح المغرب استضافة أشغال هذا المؤتمر من 20 إلى 26 مارس الجاري ، مشيرا إلى أن هذا المؤتمر ينعقد هذه السنة في ظل ظرفية تتميز باستمرار المخاطر التي تؤثر على قوة نمو الأنشطة الاقتصادية في عدة مناطق من العالم، بسبب، على الخصوص، التقلبات القوية لأسعار الطاقة والمواد الأولية، وزيادة التوترات التي تؤثر سلبا على النظام التجاري المتعدد الأطراف، علاوة على عدم الاستقرار الجيو سياسي والأمني.
وأوضح الشرفي أن هذه الرهانات الدولية لا تستثني، بالتأكيد، إفريقيا، التي اختارت الانفتاح وإعادة التموقع القوي على الصعيد العالمي، معتبرا أن الاستغلال الأمثل للامكانيات والفرص، التي تزخر بها هذه القارة ، يعتبر أساسيا لتطور واقلاع القارة التي تشهد نموا ديموغرافيا مهما يجعلها من أهم المناطق في العالم من حيث عدد الشباب.
وأضاف أن هذا التحول الديمغرافي السريع بإفريقيا، يستدعي من الجميع توفير الامكانيات الضرورية الكفيلة بارساء الظروف الملائمة لازدهار فئة الشباب، لجعلها المحرك لتنمية وتحول القارة، من خلال، على الخصوص، ارساء بنيات اقتصادية واجتماعية مناسبة، ولاسيما في مجالات التربية والصحة والفلاحة المستدامة وخلق فرص الشغل ومحاربة الفقر.
من جهة أخرى، أبرز الشرفي أن موضوع هذا المؤتمر يكتسي أهمية كبيرة بالنظر إلى طبيعة تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلدان الافريقية ، والدور الذي يلعبه الاقتصاد الرقمي لرفع هذه التحديات، عبر على الخصوص ، تعزيز تعبئة الموارد الوطنية والرفع من مستوى التنافسية، للاستفادة من آليات التكنولوجيا الرقمية.
وأشار إلى أن مستقبل افريقيا يرتكز على قدرة بلدانها على ابتكار أنماط جديدة من التضامن، من خلال التزام ملموس لكل الشركاء وخلق أنشطة مبتكرة لفائدة هذه القارة، من خلال تبادل التجارب بين بلدانها.
وسجل أن الاندماج القوي للاقتصاد الرقمي بإمكانه تعزيز التنافسية وتأهيل القدرات الانتاجية للقطاع الخاص الافريقي، وأيضا فتح آفاق جديدة للتجارة والمقاولة وتوفير امكانات جديدة للولوج إلى الأسواق الأجنبية وتعزيز الاندماج في سلاسل القيم العالمية.
وقال في هذا السياق، إنه من المناسب الاعتراف أنه منذ ظهور الأنترنيت، كان على المقاولات التأقلم مع المتطلبات الجديدة للسوق، التي تفرض ضرورة ضمان استدامة الأنشطة الاقتصادية بهذه القارة، موضحا أن التكنولوجيات الرقمية الجديدة بإمكانها أيضا تقليص التكلفة المرتبطة بالتجارة عبر تحسين المردوديات اللوجستيكية وتسهيل الولوج إلى الأسواق الجديدة وتقليص الوقت الضروري لانهاء المساطر الجمركية، التي لازالت تكلفتها تعيق التجارة، وبالأخص، تلك المتعلقة بالمنتجات المصنعة.
وأشار إلى أن الفرص التي يتيحها المجال الرقمي كبيرة جدا، لكنها تبقى غير معفية من التحديات الواجب رفعها، ولاسيما ، المرتبطة بالمخاطر المتعلقة بالهوة الرقمية، والهجمات الإلكترونية التي تتعرض لها الشركات، وقرصنة والولوج إلى المعطيات السرية والحساسة، لضمان حسن استعمالها.
وقال “إن أصحاب القرار مدعوون إلى توفير أسس صلبة، على مستوى البنيات التحتية، والترسانة القانونية والتنظيمية والكفاءات التقنية والبشرية، بالإضافة إلى الامكانات المالية لانجاز الاستثمارات الضرورية من أجل الاستعمال الأمثل للآليات الرقمية حتى تكون محفزا حقيقيا لتحول هذه القارة”.
من جهتها، اعتبرت الأمينة التنفيذية للجنة الاقتصادية لإفريقيا فيرا سونغوي، أن إفريقيا تتوفر على امكانات واعدة والمقومات الأساسية لمواجهة التحول التكنولوجي السريع، مستشهدة في هذا الصدد، بالمغرب الذي اتخذ عدة تدابير من أجل ملاءمة اقتصاده مع هذه التحولات.
وأضافت أن الاقتصاد الرقمي بامكانه ضمان نمو مندمج للبلدان الافريقية، داعية إلى استلهام تجارب الدول الرائدة في هذا الميدان.
وبخصوص السياسات الضريبية، أبرزت سونغوي ، أن الأنظمة الإلكترونية للتصريح الضريبي والأداءات تمكن من توسيع القاعدة الضريبية وتقليص التكلفة المرتبطة بجمع الضرائب والرسومات الجبائية.
من جانبه، أكد رئيس مكتب لجنة الخبراء المنتهية ولايته الصديق بخيت الفاكي عبد الله ، على أهمية التكنولوجيات الحديثة، وعلى الخصوص الرقمية، في تطور ومواكبة القارة الافريقية، مسجلا أن استعمال هذه التكنولوجيا أصبح ضروريا لضمان التنمية الاقتصادية والاجتماعية بإفريقيا.
تجدر الإشارة إلى أن اجتماع لجنة الخبراء، الذي ينعقد إلى غاية 22 مارس الجاري، سيكون مناسبة لمناقشة عدة مواضيع، منها ، على الخصوص، تحول الوضعية الاقتصادية والاجتماعية بإفريقيا وتحول نمو الاندماج الإقليمي للقارة .
يذكر أن اللجنة الاقتصادية لإفريقيا، التي أحدثت سنة 1958، تعتبر إحدى اللجان الاقليمية الخمسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، والهادف إلى دعم النمو الاقتصادي والاجتماعي للدول الأعضاء، وتشجيع الاندماج الاقليمي والنهوض بالتعاون الدولي من أجل التنمية الافريقية.