كريمة ايت حساين – صحافية متدربة
خلص المؤتمر الدولي الذي عقد بمدينة مراكش يومي الجمعة والسبت 17و18 يوليوز 2021 حول موضوع “الأمن السيبراني في التشريعات العربية” أشغاله بالدعوة إلى ضرورة تطوير التشريعات الجنائية في البلدان العربية لتشمل القضايا السيبرانية. مقترحا لأجل ذلك إحداث محاكم متخصصة في الجرائم السيبرانية. وأشار كذلك المؤثمر إلى أهمية حماية حقوق المستهلك والعمل على تطوير المستوى المعرفي للمواطنين العرب في مجال الأمن السيبراني.
تولى نادي المحامين بدينة مراكش احتضان المؤثمر المنظم بشراكة بين «المركز الدولي للخبرة الاستشاري وهيئة المحامين بمراكش، والودادية الحسنية للقضاة ونادي قضاة المغرب، وكذلك ماستر العلوم الجنائية والأمنية بكلية الحقوق بجامعة القاضي عياض بمراكش، إضافة إلى ماستر المعاملات الإلكترونية بكلية العلوم القانونية والسياسية بسطات، ومختبر البحث قانون الأعمال، ومجلة القانون والأعمال الدولية بجامعة الحسن الأول بسطات».
ويذكر أن المؤتمر الدولي حول “الأمن السيبراني في التشريعات العربية”، يندرج ضمن الجهود المشتركة من أجل تشخيص الأوضاع المستجدة في المجالات المعرفية المتنوعة في ظل التطورات التكنولوجية والرقمية المتسارعة، وكيفية تحقيق الأمن السيبراني مع ضمان عدم المس بحقوق الأفراد والمؤسسات وحرياتهم في الرأي والتعبير.
ونظمت أشغال المؤتمر الدولي على امتداد اليومين الذي عقد فيهما، وفق 9 جلسات تشمل “الجلستين الافتتاحية والختامية”. قدمت خلال مجموع هذه الجلسات التسع 37 مداخلة تدور حول: الأوضاع القانونية والواقعية للأمن السيبراني في الدول العربية المشاركة، وهي كالتالي:المغرب واليمن، موريتانيا والجزائر، ليبيا ومصر، السودان وسلطنة عمان، الإمارات العربية المتحدة وقطر، ثم دولة البحرين، الأردن والعراق.
واختتمت أشغال المؤتمر هذا الدولي الذي عرف مشاركة مجموعة من الدول العربية، بإصدار تلة من التوصيات التي تهم مسألة “صياغة واستكمال التشريعات السيبرانية، والتنفيذ الجيد لهذه التشريعات، إضافة إلى بعض التوصيات العامة”. ودعا الباحثون المشاركون في هذا المؤثمر إلى القيام بدراسات بحثية معمقة تساهم في تحديد مكامن النقص في التشريعات الجنائية العربية في مجال الأمن السيبراني. من خلال إحداث فرق عمل متخصصة في ذلك وإشراك الوزارات والهيئات المعنية بهذا الأمر. وقدم المؤثمر توصيات بشأن إحداث “لجان متخصصة لوضع مسودة القانون، تضم خبـراء في مجالي القانون وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات”، وإن كان يستحسن حسب المشاركين في المؤتمر أن تتضمن “ممثلين عن الهيئات المتخصصة من المجتمع المدني والقطاع الخاص”.
وتدعو التوصيات التي وضعها المؤثمر الدولي في مجال الأمن السيبراني الدول العربية إلى الاستعانة بالاتفاقيات الإقليمية والدولية المرتبطة بتشريعات الفضاء السيبراني من أجل ضمان تناسق التشريعات الوطنية معها مع ضرورة مراعاة الخصوصيات الثقافية المحلية للدول في أفق وضع قانون نموذجي عربي للأمن السيبراني بطبيعة الحال. وشملت توصيات مؤتمر مراكش أيضا ما يتعلق “بتحديث المنظومة القانونية المتعلقة بالجرائم، والجنح والجنايات وتكييفها مع مستجدات الواقع التكنولوجي الجديد الذي يعرف تجددا مستمرا، والإسراع في عماية إصدار النصوص التطبيقية والمراسيم المرتبطة بتنزيل المقتضيات التشريعية المتعلقة بالأمن السيبراني بالبلاد العربية.
ودعا الباحثون المشاركون كذلك إلى إصدار تشريع موحد يكون بمثابة إعلان لحقوق المستهلك الإلكتروني، تلتزم بموجبه الدول الأعضاء بتزويد المستهلكين والبائعين بآليات تمكن من تسوية النزاعات بكيفية مستحدثة كالتقاضي الإلكتروني أو التحكيم الإلكتروني. كما أوصوا بتحديث الترسانة القانونية في مجال الأمن السيبراني خصوصا ”مدونات وتشريعات الشغل، والقوانين المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية”، من خلال توفير مقتضيات قانونية تعترف بالبيانات الشخصية ذات الطابع المهني. بالموازاة مع الاشتغال على إعمال وتفعيل العقوبات التبعية أو التكميلية المتعلقة بذلك مثل إغلاق حسابات التواصل الاجتماعي. ليوصي أيضا الباحثون بجمع ما سموه شتات القوانين المتعلقة بالمجال الإلكتروني في مدونة واحدة.
بلغ عدد الورشات المنجزة في المؤثمر 37 ورشة أوصى المتدخلون فيها بضرورة توفير البنى التحتية اللازمة لتطبيق التشريعات الخاصة بالمجال السيبراني، مع ضمان تكوين متخصص للقضاة والمحامين. علاوة على فتح أوراش عمل تدريبية وطنية لفائدة ” الفنيين وأعضاء النيابة العامة، والأجهزة الأمنية وضباط الشرطة القضائية” حول نصوص التشريعات السيبرانية وكيفية تطبيقها من أجل حماية الأفراد والمجتمع والأمن الوطني عامة، عن طريق تسهيل عملية التبليغ والسرعة في إجراء التحقيق نظرا للطبيعة السريعة التي تتميز بها الجريمة السيبرانية.
ودعا المشاركون في نفس المؤثمر الدولي إلى «الاهتمام بالاجتهادات القضائية» بإجراء بحوث علمية حولها وإعداد دراسات لمقارنة الاجتهادات الصادرة في بلدان المنطقة العربية، وكذا في بعض البلدان المتقدمة. وإحداث محاكم متخصصة في الجرائم السيبرانية وحث الدول الأعضاء على التعاون المشترك في مجال المساعدات والإنابة القضائية قصد الكشف عن هذه الجرائم. وأيضا لم هذه الأدلة لإثباتها وتسليم المجرمين المقترفين لها، وكذلك من هلال تنفيذ الأحكام الأجنبية الصادرة بالإدانة والعقوبة ضد مواطنين الدول المقترفين لإحدى تلك الجرائم بالخارج.
وفيما يخص أهم التوصيات العامة التي جاء بها المؤثمر الدولي بمراكش فقد ركزت على تشجيع المهنيين والطلبة على الانخراط في مجال الأمن السيبراني، ودعم الأبحاث في المؤسسات الأكاديمية. ويتم ذلك بتضمينها مناهج كليات الحقوق، والدراسات العليا القانونية والتشريعات والقوانين والجرائم السيبرانية من أجل تخريج جيل واعي من الطلبة بأهمية الجرائم السيبرانية وبأثرها على المجتمع لما تشكله من تهديد للعدالة وللأمن القضائي للبلدان. وتضمنت التوصيات العامة كذلك ” إقامة دورات خاصة للنساء ربات البيوت والسيدات، خصوصا الفئة التي تقيم بالمنزل أطول فترة لأننا ترتبط بالفضاء السيبراني من أجل توعيتها مختلف مخاطر الإفراط في استخدام الفضاء السيبراني على المستوى الصـحي والاجتماعي والأمني، وتعريف هذه الفئة بجرائمه الحديثة، وقدرتها على تدمير العلاقات الأسرية والعائلية، وكيف يمكن أن يضع الإنسان ذاته تحت طائلة القانون.
ومن بين توصيات المؤتمر أيضا دعوته إلى تطوير نظم التعليم بما تشمله من المناهج وطرق التدريس، والأساتذة والمعلمين، وأدوات التعليم كي تواكب العصر، والانكباب على مسألة الاستفادة من نتائج برنامج البحوث الأوروبي حول “الجريمة السيبرانية والإرهاب السيبراني ” لاسيما ما يتعلق منه “ببرنامج يعمل منذ سنة 2014، والذي يقوم به معهد الأمم المتحدة الإقليمي لأبحاث الجريمة والعدالة. واللجوء إلى الإسراع باتخاذ إجراءات التأمين الممكنة ضد الإرهاب السيبراني على جميع المستويات،والبحث عن تعريف موحد شامل للإرهاب بكافة أشكاله وصوره، بما فيه الإرهاب السيبراني.
وأوصى المتدخلون في أشغال المؤثمر الدولي بـضرورة منح مساحة أكبر للجهات المعنية بحماية المستهلك الإلكتروني. والهمل على تشجيع المنظمات غير الحكومية العاملة في نفس المجال. من خلال قبول انضمامها ل«الاتحاد الدولي للمستهلكين (CI)»، الذي تأسس سنة 1960 بهدف تشكيل مجموعات ضغط تسهم في حث الحكومات والمجالس التشريعية الدولية على تطوير القوانين الخاصة بالفضاء السيبراني. وتم التنصيص أيضا في التوصيات الختامية للمؤثمر على وضع استراتيجيات، وبرامج وطنية متكاملة، وسن سياسات عمومية مندمجة قادرة على الاستثمار بشكل فعال في الموارد البشرية بالشكل الذي يسهل عملية التطبيق الجيد للنصوص التشريعية من جهة، وامتصاص الضغوطات المتسارعة للعوالم المعلوماتية من جهة أخرى، عن طريق إعطاء الأولوية لبرامج التأهيل والإدماج، لتخفيف الضغط على المقاربات العقابية في مجال الأمن السيبراني.