الرباط-أسامة بلفقير
وجه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي انتقادات لتخصيص مشروع القانون رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب 12 مادة في باب كامل للجزاءات والعقوبات السالبة للحرية والغرامات، مع الإحالة على العقوبات الجنائية الأشد.
واعتبر المجلس أن هذه العقوبات لا تنسجم مع فلسفة وضمانات ممارسة حق الإضراب، مشيرا إلى أن مبالغ الغرامات المنصوص عليها عند ارتكاب بعض المخالفات “قد لا تحقق هدف الردع أمام خرق قانون الإضراب.
وشدد المجلس على أن كل المخالفات والنزاعات المتعلقة بممارسة حق الإضراب في مجال الشغل يمكن معالجتها في إطار عقد العمل أو الاتفاقيات الجماعية، وبعقوبات تأديبية للأجراء طبقا لمدونة الشغل، أو باللجوء إل القضاء لطلب التعويض عن الضرر، أو بالاحتكام لمقتضيات القانون المدني، أو القانون الجنائي في جنح وباقي جرائم الحق العام، وذلك من طرف المشغل أو الأجير على السواء.
وأوصى المجلس بتجنب إدراج عقوبات سالبة للحرية، مع مراجعة كل مقتضيات القوانين التي تتنافى مع الحق في ممارسة الإضراب وخاصة الفصل 288 من القانون الجنائي وذلك بإلغاء المقتضى الذي يفيد بأنه يعاقب بالحبس من شهر إل سنتين وبغرامة من مائة وعشرين إل خمسة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط من حمل على التوقف الجماعي عن العمل أو على الاستمرار فيه.
و دعا المجلس أيضا إلى عدم الخوض في تفاصيل المسائل التأديبية، الجنائية أو المدنية، التي يحتكم بشأنها إلى التشريعات الموجودة، لتعزيز الوضوح القانوني وتجنب ازدواجية العقوبات، مما يساهم في حماية حقوق العمال في ممارسة حقهم الدستوري في الإضراب.
إلى ذلك، أوضح المجلس أنه من خلال تحليل بعض العناصر على مستوى الشكل والموضوع أن بناء المشروع غير متماسك في هندسته مع تداخل العديد من المقتضيات التي تجعل قراءته غير واضحة وتحمل تأويلات متعددة يزيدها ضبابية عدم الدقة في التعاريف والمفاهيم، مما يهدد الأمن القانوني والحقوقي لجميع الأطراف.
وتابع أن إقصاء فئات اجتماعية منظمة بحكم القانون وحرمانها من ممارسة حق دستوري مكرس في جميع دساتيري المملكة منذ سنة 1962 وأجازته كل الالتزامات والمعايير الدولية، كالعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لسنة 1966 والاتفاقية الدولية الأساسية رقم 87 والاتفاقية الدولية للحق في المفاوضة والتنظيم، يشكل لوحده مبررا لإعادة صياغة ومراجعة العديد من مقتضياته.
وخلص رأي المجلس إلى أن إثقال مشروع القانون بالكثير من التفاصيل والإجراءات وتحميله للعديد من المقتضيات القانونية التي كان من الأجدر التنصيص عليها في قوانين أدنى، حادت به عن روح وفلسفة تقنين حق دستوري طال انتظار تنظيمه لمدة تزيد عن ستة عقود.