محمد الشمسي
فجر وزير العدل قنبلة صوتية في إحدى الإذاعات الخاصة مساء الجمعة، وهو يكشف النقاب عن اجتماع ليس كبقية الاجتماعات، جمعه بمحامين ليسوا كباقي المحامين، ولا زال البحث جاريل عن هوياتهم وهيآتهم، الوزير وهبي برر اجتماعه السري بمحامين دون مؤسساتهم برغبته في استشارتهم حول مسودته السوداء، لأنه يعزهم ويقدرهم، ولأنهم “مغاديش يكذبوا عليه”، حتى قال في حقهم ويداه على صدره من فرط تبجيله لهم” هادو محامون دياولي” وزاد في القول” وكيقدمو ليا استشارة”، وأقر الوزير وهبي في معرض تصريحاته أنه “تاق في المحامين دياولو” وسلمهم ما خطت يداه من مشروع قانون، لكن الوزير وهبي سرعان ما انفعل واتهم أحد “المحامين دياولو” بتسريب اللقاء والمسودة لعموم المحامين فانقلب السحر على الساحر، ولأن الوزير وهبي كان”شاك في المحامين دياولو ” فهو “طلع طولانطي” فقد سلم لكل واحد منهم مسودة عليها علامة خفية لا يعلمها إلا وهبي، “وا شوفو هاد التنوعير”.
وانتفض الوزير وهو يهدد “المحامي ديالو اللي سرب النسخة” بأنه يعرفه وكيف لا يعرفه ووهبي”كيعرف لون الطقاشر في الصباط ديال الخصم ديالو”؟.
هذا المقطع البئيس يوضح بجلاء حالة الطقس الرديء داخل وزارة العدل، وكيف يجري الإعداد لوضع قانون جديد متقدم ومتجدد لمهنة المحاماة، قصد النهوض بها كقطاع حيوي مفصلي في الدولة برمتها، وزارة تشتغل بمنطق السوق الأسبوعي في قرية نائية،”عاجي ودخل”، وزيرها رجل هاو يعمل خارج المؤسسة، لا يملك مستشارين فعليين، ويلجأ للأغيار مستغلا صداقته الملتبسة، وزير يستشير من لا يثق فيهم، يمد للواحد منهم ورقة عليها شيفرة مورس.
وزير يظن أنه سيكتب كتابا مقدسا لا كتاب بعده.
وزير يتحدث بلسان فج سمج وبصوت جهوري منفعل ومندفع لا يوحي بأجواء الحوار والنقاش، وزير لم يتخلص من ثوب السياسي الثائر في وجه خصومه، يتحدث بمنطق “أنا مول الوزارة” ويتحدى المحامين ب32 سنة من ممارسته المهنية، مدة لا تسعفه في التباهي، فالرجل لم يكن من ذي قبل له صيت ولا حس، سجله النضالي والحقوقي خال من أي سطر يذكر ، وهو من السياسيين الذين نزلوا بالمناطيد ليلا ورصدتهم الأشعة تحت الحمراء ، يتحدث بنرفزة وغضب كأن الحق في جيبه ومادونه هراء، يجالس محامين همّ بهم وهموا به، لم يثق فيهم ولم يأمنوا له، يتحدث عن صفقة من المصالح، لعلها كانت على مائدة ذلك الحوار المبطن، ربما كانت وعودا بالترشح لنيل مناصب عليا في مؤسسات الدولة، وهكذا توزع مغانم المناصب وتقدم مهنة المحاماة قربانا لتذبح على أعتاب الوزارة.