سليمة فراجي
ليس هناك بوادر تمرير والمصادقة على مشروعي القانون الجنائي والمسطرة الجنائية خلال الولاية البرلمانية الحالية
بعد دستور 2011 كانت هناك مبادرات تهدف الى تحديث المنظومة القانونية في مجال العدالة الجنائية ، على مستوى المخطط التشريعي في أفق تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات ومراجعة السياسة الجنائية وإصلاح سياسة التجريم والعقاب ، خصوصا ان تصدير الدستور الذي يشكل جزءا لا يتجزأ منه ، نص على ملاءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية التي تتماشى مع الهوية الوطنية الراسخة للمملكة .
وفي هذا السياق تم وضع مسودة لقانون المسطرة الجنائية خلال الولاية البرلمانية السابقة أي التي تلت صدور الدستور ، أكدت على مجموعة من المبادئ المتعارف عليها دوليًا في مجال المحاكمة العادلة ، ومراعاة مبادئ المساواة، والمحاكمة داخل اجل معقول واحترام حقوق الدفاع ، وضمان حقوق الضحايا والمتهمين واحترام قانونية الإجراءات وخضوعها لمراقبة السلطة القضائية ، مع مراجعة الضوابط القانونية المتعلقة بالحراسة النظرية من خلال التضييق من حالات اللجوء اليها ، مع ترشيد الاعتقال الاحتياطي بوصفه تدبيرًا استثنائيًا ، وتعزيز حقوق الدفاع بمكتسبات جديدة سواء خلال مرحلة البحث والتحري أو التحقيق أو المحاكمة .
ولعل ما تم اعتماده من طرف وزارة العدل آنذاك هو تحديث الإدارة القضائية في أفق بلوغ المحكمة الرقمية سنة 2020، وتبعًا لذلك ورد في مسودة مشروع المسطرة الجنائية انه سيتم اعتماد الوسائل العلمية والتقنية في الإجراءات في إطار استثمار التطور التكنولوجي والمعلوماتي في مجال تحديث آليات العدالة الجنائية .
وانتهت الولاية البرلمانية ما بعد دستور 2011 ، ونحن على مشارف نهاية الولاية البرلمانية الحالية ، ولم يتم تمرير والمصادقة على مشروعي القانون الجنائي والمسطرة الجنائية.
ولعل تفشي وباء كورونا وفي إطار حماية الأمن الصحي، ارتأت وزارة العدل إجراء المحاكمات عن بعد وعدم احضار المعتقلين، لكن بالرجوع الى مقتضيات المسطرة الجنائية يتبين ان مجموعة من مواد قانون المسطرة الجنائية تنص على إلزامية حضور المتهم المعتقل للجلسة منها المواد 311 و 312 و 318، علما انه لو تمت موازاة مع الثورة الرقمية تعديل بعض النصوص وفق ما ورد في مشروع المسطرة الجنائية حتى تواكب التطور التكنولوجي واجراءات ادراج الملفات غير الجاهزة دون حضور المتهم ، لما ووجهنا بخرق بين للمقتضيات المسطرية ، الأكثر من ذلك فإن بعض النصوص أصبحت متجاوزة خصوصًا بعد صدور القانون رقم 33.17 الذي اصبح بمقتضاه الوكيل العام للملك بصفته رئيسا للنيابة العامة يحل محل وزير العدل في ممارسة الاختصاصات الموكولة لهذا الأخير المتعلقة بسلطته وإشرافه على النيابة العامة وعلى قضاتها ، والإشراف على عمل النيابة العامة ومراقبتها في إطار احترام مضامين السياسة الجنائية والسهر على حسن سير الدعاوى في مجال اختصاصها ، وممارسة الطعون وتتبع القضايا ، ناهيك عن مختلف النصوص التي أصبحت متجاوزة وأصبحت مسألة نسخها أو تتميمها أو تعديلها ضرورة ملحة .
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر وكانت مهنة المحاماة هي الجناح القوي الذي لا يمكن للعدالة التحليق بدونه وانه لتعزيز حقوق الدفاع بمكتسبات جديدة يجب إشراكه في اي تنزيل لنصوص واجراءات تضمن سلامة ونزاهة المقتضيات المسطرية وتعزز حقوق الدفاع ، فانه بات من اللازم مواكبة هيئات المحامين لأي تعديل او تتميم ، وان اعتماد الوسائل التقنية والاستعمال التكنولوجي والمعلوماتي في مجال تحديث آليات العدالة الجنائية يجب ان يهم مكاتب المحامين أيضا .