مع دخول شهر شتنبر الجاري أسبوعه الأخير، يكون مسلسل نضال شغيلة مكتب الحبوب و القطاني قد استوفى التسعة أشهر من الاحتجاجات المسترسلة مطالبين الاطراف المعنية بتفعيل توصية المجلس الاداري لمؤسستهم المنعقد يومه 21 دجنبر 2016، وعلى رأسهم المدير العام لمكتب الحبوب. و قد تم التصويت بالإجماع على هذه التوصية داخل أسوار وزارة الفلاحة من طرف جميع الحاضرين، بمن فيهم ممثلي مهنييي سلسلة الحبوب والقطاني و كدا ممثلي الادارات المعنية، و خصوصا، الكاتب العام لوزارة الفلاحة و الصيد البحري و التنمية القروية و المياه و الغابات و ممثل وزارة الاقتصاد و المالية.
وتنص هذه التوصية على الرفع من نسب مساهمة الشغيلة و الادارة في الصندوق الوطني المهنيي للتقاعد حسب قاعدة الثلث للأولى و الثلثين للثانية عوض قاعدة النصف لكل طرف و السارية المفعول حاليا علما ان هذه المؤسسة لا تتوفر على تقاعد إجباري على غرار المؤسسات المشابهة، بل فقط على تقاعد تكميلي وهو ما يفسر هزالة المعاش عند التقاعد.
إلا أنه، ورغم مرور سنة كاملة على المصادقة السالفة الذكر (2017)، تفاجأ الجميع بعدم الأجرأة الفعلية لتوصية التقاعد رغم أن توصيات أخرى خرجت من رحم المجالس الادارية السابقة لمكتب الحبوب و رأت النور في وقت قياسي حتى و إن لم تتعلق بمهامه التدبيرية أو التموينية.
و قد قامت شغيلة مكتب الحبوب ومكتبها النقابي المنضوي تحت لواء الجامعة الوطنية للفلاحة والتابع للاتحاد العام للشغالين بالمغرب بعدة محاولات قصد التعبير عن رفضها وامتعاضها من سياسة التماطل و التسويف الذي طال ملفها كما أرسلت إشارات واضحة لكل من يهمهم الأمر طيلة النصف الثاني من سنة 2017 من أجل العمل على تفعيل التوصية المذكورة أعلاه ووقف نزيف المتضررين بالمنظومة الحالية للتقاعد التي تبقى غير منصفة لجميع العاملين والذين لن يحصلوا في أحسن الظروف حتى على 60 في المائة من أخر أجر لهم.
وأمام استمرار سياسة التجاهل واللامبالاة التي اتبعها المدير العام لمكتب الحبوب كأسلوب لتدبير اشكالية التقاعد، اضطر العاملون بهذه المؤسسة إلى خوض أشكال نضالية عديدة لإسماع صوتهم ولرفضهم لهذا الوضع ولجأوا للتصعيد النقابي كأسلوب حضاري في غياب محاور مسؤول وناضج يعمل على حل المشكل وفتح القنوات مع كل الأطراف المعنية بهذا الملف.
و إلى حدود كتابة هذه الاسطر، مازالت الشغيلة متشبثة بمطلبها الحيوي المتمثل في تنزيل توصية المجلس الإداري المذكور. حيث تمر الاحتجاجات حاليا بفترة تصعيدية بخوض الإضراب بوتيرة أربعة ايام اسبوعيا مع الالتحاق بمقرات العمل، وذلك تزامنا مع تسويق المنتوج المحلي من الحبوب وهو ما أتر بشكل واضح و ملموس على السير العادي للعمل بالإدارة المركزية و بمصالحها الخارجية رغم محاولات المدير العام التستر على الوضع.
وحسب ما جاء في البلاغ النقابي الأخير الصادر يومه 7 شتنبر 2018، فان المكتب يستنكر بشدة أسلوب التهديد والترهيب والوعيد الذي لجأ إليه المدير العام لمكتب الحبوب واللغة التي استعملها خلال الاجتماعات الذي عقد تزامنا مع أيام الإضراب، مع رؤساء وأطر وأعوان الأقسام والمصالح سواء بالإدارة المركزية أو بالمصالح الخارجية مع إشهار ورقة الاقتطاع لدفع المستخدمين إلى عدم الانخراط في مسلسل الإضرابات.
كما أدان المكتب النقابي هذه المقاربة التي تدفع أكثر في اتجاه الاحتقان وتسميم الأجواء والتي لن تساهم، حسب نفس البلاغ، في مد جسور الثقة وبناء علاقات مهنية ناضجة مبنية على الحوار البناء والتواصل المسؤول والتشاور المثمر من أجل إيجاد صيغة ناجعة وقابلة للتحقيق لإخراج التوصية، موضوع الاحتجاج، حيز التنفيذ .
كما طالب المكتب النقابي المدير العام بالالتزام بما جاء به الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد العرش المجيد بتاريخ 30 يوليوز2018 خاصة في الشق المتعلق بالتواصل الدائم و المستمر مع التمثيلية النقابية داخل المؤسسات.
و في ظل غياب أية بوادر انفراج في هذا الملف، دخل النعم ميارة، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، على الخط و عبر عن تضامنه المطلق مع نضال الشغيلة و ذلك خلال اللقاء التواصلي المنعقد بتاريخ 6 شتنبر 2018 بمقر الاتحاد العام للشغالين بالمغرب و الذي عرف مشاركة مكثفة لأطر و مناضلي مكتب الحبوب. وقد اطلع الكاتب العام بعد هذا الاجتماع على المعطيات التقنية المتعلقة بإشكالية تقاعد شغيلة الحبوب و ذلك في أفق فتح قنوات الاتصال مع الوزارتين المعنيتين بأجرءة التوصية السالفة الذكر لمعرفة السبب الحقيقي الذي يكمن وراء هذا التأخير، علما أن الغلاف المالي الذي تتطلبه مراجعة نسب المساهمة في الصندوق التكميلي الاختياري الذي يتوفر عليه مكتب الحبوب سيتحمله كل من المستخدم و الإدارة، كما انه يبقى مقبولا و لا يشكل عبئا على ميزانية المؤسسة مقارنة مع مواردها المالية المهمة و في ظل إحالة عدد مهم من المستخدمين على التقاعد .
و من المنتظر أن تستمر الشغيلة في حركتها النضالية التصعيدية خلال الأيام المقبلة و ذلك تزامنا مع فتح الحدود أمام عمليات استيراد الحبوب علما أن هذه المؤسسة ستنضم يومه الجمعة المقبل مناقصة لاستيراد 364 336 طن من القمح الصلب في إطار معاهدة التبادل الحر الذي يجمع المغرب بالولايات المتحدة الامريكية.