24ساعة-متابعة
رغم رمزية عيد الأضحى في الذاكرة الدينية والاجتماعية للمغاربة، فقد بدا واضحا أن شريحة واسعة من المجتمع المغربي تقبلت القرار بروح من المسؤولية والتفهم، معتبرة أن الحفاظ على القطيع الوطني أولى من التمسك بالشعيرة في ظروف غير مواتية، وأن روح العيد تتجاوز مجرد الذبح إلى معاني أعمق من التضامن والتكافل والفرح الجماعي.
في هذا السياق، أوضحت بشرى المرابطي الأخصائية النفسية والباحثة في علم النفس الاجتماعي، أن المغرب مر بفترات عديدة منع فيها ذبح الأضحية، وبالتالي فإن المغاربة يعرفون جيدا أن هذا الأمر وارد.
وأضافت المرابطي في تصريحها لـ”24 ساعة”، أن هناك آراء واقتراحات من مجموعة من الفاعلين خلال هذه السنة ترى أن من الأفضل، من الناحية الاقتصادية، منع ذبح الأضاحي لكيلا يتأثر قطيع الأغنام المغربي.
وأشارت إلى أن هذا الأمر كان مهيأ له طيلة السنة، كما أن المغرب، عبر تاريخه، عرف العديد من المحطات التي منعت فيها الأضحية، وبالتالي فالأمر ليس جديدا.
كما أنه ليست لذلك آثارا سلبية ذات أهمية، حيث إن الأسر اليوم منشغلة كثيرا بتلبية حاجات الأسرة اليومية في ظل الغلاء المهول للأسعار، ومنشغلة أيضا بدراسة أبنائها، نظرا لكونها نهاية الموسم الدراسي، وهي أيام امتحانات لجميع السنوات الإشهادية.
ومع ذلك، أشارت إلى وجود فوارق في التعاطي مع الموضوع بين المدن الصغرى والبوادي، معتبرة أن الأمر مرتبط بكيفية تعامل السلطات مع هذا الواقع في المناطق التي تتشبث بالأضحية وتراها جزء أساسي من حياتها.
وأكدت أن الجماعات المحلية في المناطق البدوية لها دور في تدبير هذا الوضع، ولديها عادات وتدابير مكتسبة عبر التاريخ للتعامل مع مثل هذه الظروف.
أما بخصوص تأثير غياب الأضحية على الأبناء، قالت المتحدثة، إن ذلك لا يشمل الجميع، فالتشبث بالأضحية لم يعد هما كبيرا لدى الأطفال في هذا الزمن، إذ أصبحت لديهم اهتمامات أخرى تدخل عليهم البهجة.
وفي هذا الصدد، شددت الأخصائية في علم النفس، على أن الأمر مرتبط بطبيعة المعنى الذي تعطيه الأسر للحدث، فإذا كان هناك تذمر أو تعليقات سلبية، فالأكيد أن ذلك سينتقل إلى الأبناء، لكن إذا أُعطي للحدث معنى إيجابي وتم الحفاظ على الطقوس والعادات المرتبطة بالعيد، باستثناء الأضحية، فإن الأمر سيكون أكثر قبولا.
وخلصت بشرى المرابطي في تصريحها إلى التأكيد على أن منع الأضحية يحمل بعدا تربويا مهما، لأنه يعلم الأبناء أن هناك أشياء ممكنة وأخرى غير ممكنة، وأخرى كانت مباحة ثم تمنع لأسباب معينة، ما يساعد الإنسان على التكيف مع الواقع وتقبل الإحباط، ويعلمه المرونة والتأقلم مع مختلف محطات الحياة.