24 ساعة-متابعة
تعتبر الأغاني والموسيقى وسيلة قوية للتأثير على الأفراد، سواء على المستوى العاطفي أو الفكري أو السلوكي، فهي قادرة على توجيه العواطف، ترسيخ المعتقدات، وحتى تشكيل السلوكيات، خاصة لدى الفئات الناشئة مثل الأطفال والمراهقين الذين يتميزون بحساسية متزايدة تجاه البيئة المحيطة.
كما أن طبيعة الكلمات التي تتضمنها الأغاني، ونمط الموسيقى المصاحب لها، تلعب دورا كبيرا في تحديد ما إذا كان هذا التأثير إيجابيا يعزز قيما بناءة أو سلبيا يعاكس أهداف التربية السليمة.
وفي سياق النقاش المتزايد حول مضامين بعض الأغاني المعروضة في المهرجانات الفنية بالمغرب، أكدت الأخصائية النفسية والباحثة في علم النفس الاجتماعي، بشرى المرابطي، على الدور المحوري الذي تلعبه الموسيقى في تشكيل البنية النفسية والفكرية للأطفال والمراهقين، إلى جانب عوامل أخرى في مسار النمو النفسي.
وأوضحت المرابطي في تصريحها لـ”24 ساعة”، أن الموسيقى توجه عواطف الإنسان وتسهم في بناء معتقداته أو ترسيخها، كما توجه سلوكياته العامة، مما يجعل طبيعة الموسيقى وكلمات الأغاني المصاحبة لها عاملا مؤثرا بشكل كبير على التوجه الفكري والسلوكي، خاصة لدى الفئات الناشئة.
وفي هذا الإطار، انتقدت الأخصائية الكلمات التي تضمنتها أغنية تم عرضها في احتفالات العيد بطنجة، معتبرة إياها غير ملائمة للبناء السليم للطفل والمراهق والمواطن المغربي بصفة عامة، خصوصا في ظل حضور كثيف للأطفال والمراهقين في تلك المناسبة.
ووصفت تلك المضامين بأنها “تخالف القيم المؤطرة للمجتمع المغربي، كما تتعارض مع المنطوق القانوني والتوجه العام للقانون المغربي”.
وأضافت المرابطي أن هذا الواقع يطرح تساؤلات جوهرية حول الجهة التي تمنح التراخيص للمهرجانات، ومدى اطلاعها المسبق على طبيعة الأغاني المعروضة، والنمط الموسيقي والغنائي الذي يقدّم على المنصات العمومية.
وأشارت إلى أن المهرجان الذي نظم بطنجة ليس الوحيد الذي يثير تساؤلات حول المادة الفنية المقدمة، بل هناك العديد من الحفلات السابقة التي تضمنت مواد غنائية لا تنسجم مع المنظومة القيمية المتوافق عليها داخل المجتمع المغربي.
كما لفتت المرابطي في حديثها إلى أن “سلوكيات بعض الفنانين على المنصة قد توجه سلوك الأفراد”، متسائلة: “هل هذا يتم تحت حماية السلطات أم أنه يسائل الجهات القائمة على الترخيص والتنظيم؟”.
كما شددت المتحدثة على أهمية هذا النقاش، لا سيما حينما تقام هذه الحفلات في أماكن عمومية مفتوحة، وهو ما يستدعي من الجهات المختصة مراقبة المحتوى الفني وضمان توافقه مع حماية الأطفال والمراهقين وسلامتهم النفسية.
وأوضحت أن الحفلات التي تُنظم في الفضاءات الخاصة تخضع لتحليل مختلف، ولها إطار قانوني مغاير، أما في الفضاء العام، فالمسؤولية أكبر وتتوزع بين عدة أطراف.
وفي سياق متصل، لفتت المرابطي إلى وجود مسؤولية على الأسر أيضا، قائلة: “حين يكون المغني معروفا بسلوكياته وكلماته غير الملائمة للتربية السليمة، فإن الأسرة تتحمل جزءا من المسؤولية عند اصطحاب أبنائها إلى مثل هذه العروض”.
وفي ختام حديثها، شددت الأخصائية النفسية على أن كل محتوى فني، سواء كان أغنية، موسيقى، إعلانا، مسلسلا، فيلما، أو عرضا على المنصات الرقمية أو الاحتفالية، له تأثير بالغ على المتلقي، سلبيا أو إيجابيا، خصوصا بالنسبة للفئات الناشئة، مضيفة: “من الضروري أن تأخذ الجهات المعنية هذا المعطى بعين الاعتبار، وأن نولي جميعا أهمية قصوى لمستقبل هذه الفئة الحساسة من المجتمع”.