اللَّهُ أَكْبَرُ ،
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ،
والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين وآله وصحبه أجمعين.
تستمر المنظومة الحزبية مشدوهة مشلولة أمام هول الانتظار الذي يعيشه المتورطون والمتورطات في جريمة التخاذل عن خدمة المشاريع التنموية الوطنية، وبين ليل الأرق ونهار القلق تنتفخ أوداج المسؤولين نتيجة ضغط هرمون الخوف من العقاب. من ينفع من؟! ومن يأخذ بيد من؟! ثم من سيتصل بمن؟! هذا جحيم البلوكاج المرعب الذي سقطت فيه المنظومة الحزبية. و في انتظار كشف الحساب وظهور نتائج التحقيق، لا نملك إلا تبليغ كل المتورطات والمتورطين أنّ: اليوم لن ينفعكم مال ولا تلفون، اليوم لا إفلات من العقاب، ثم أبشروا، هذه ساعة الحساب في دنو واقتراب.
وحيث أن الإعلان عن حالة الاستثناء هو إجراء دستوري يدخل ضمن الاختيارات العديدة المتاحة لرئيس الدولة والتي أوكلها إليه نص وروح الدستور، ويمكن أن يشكل الضمانة المؤسساتية لصيانة الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور.
وحيث أن المرحلة تستلزم العمل الفعال لإحقاق الصعود المنشود، وربح معركة الوحدة الترابية وكسب رهان التنمية المتوازنة، وترسيخ الاختيار الديمقراطي.
وحيث أن فشل الاحزاب في عقد مؤتمرات إستثنائية لترميم أوضاعها الداخلية المترهلة واستعادة المصداقية الشعبية والأهلية القانونية يجعل من مطلب الأقلام الداعية إلى إعمال أحكام الفصل الـ51 من الدستور، والدفع في اتجاه انتخابات استثنائية مبكرة مجرد مبادرة تضليلية تنطلق من جهل لموطن الخلل المؤسساتي وغفلة عن التكلفة المالية الضخمة لتطبيق هذا الفصل من الدستور. فإعادة الانتخابات لها تكلفة مالية على ميزانية الدولة حوالي 600 مليار، وهي إجراء فيه تجاهل كبير لإمكانية الدولة المالية، وعلى النقيض منه نجد أن إعمال أحكام الفصل الـ59 من الدستور له ثقل مالي أخف بكثير ويقينا شر “جريمة” تبذير المال العام لتزكية النخب السياسية ذاتها، الفاشلة والفاقدة للثقة، والتي تحاول الهروب إلى الأمام والالتفاف على روح الدستور.
وحيث أن الأحزاب المعنية بالأمر، ومع انعدام روح الوفاق الوطني بينها أصبحت عقبة حزبية أمام تشكيل فريق “الحكومة الفعالة”. لأن دهاقنة التحريض الحزبي لا يدركون أن تسيير أمور الدولة لا يقوم على سياسة المعادلة الصفرية. كما أن الالتزام الإيديولوجي لا يمنع من التوافق مع المعارضة في ميدان الصراع السياسي، لكي لا يتطور الاحتكاك إلى دارة قصيرة تعمل على إفراز تيار البلوكاج الدستوري والعجز الواضح عن التوصل لحل المشاكل والاختناقات المجتمعية، في حين تتمادى النخب الحزبية في التهرب من المسؤولية السياسية، مع اختلاق المزيد من المبررات والمسوغات الواهية.
وحيث أن منسوب الثقة الشعبية في القيادات الحزبية الحالية يستمر في سقوطه الحر بسبب استمرارهم في رفض الاستجابة للمطلب الشعبي والمؤسساتي المتجسد في ضرورة تحيين مشاريعها وتجديد نخبها والتحول من زمن قيادات المزايدات إلى زمن قيادات المنجزات في أفق ضمان كفاءات حزبية قادرة على ممارسة السلطة، بعيدا عن سلوك المخاتلة السياسوية التي تعرقل الممارسة الدستورية القائمة على ربط المسؤولية بالمحاسبة، حسب ما ينص عليه دستور 2011، خاصة مع اقتراب ساعة كشف نتائج التحقيق في واقعة الحسيمة.
وحيث أن مشاريع “الجبهة التسلطية للدفاع عن القيادات الحزبية الشعبوية” مازالت لم تتحرر من نرجسية المصلحة الشخصية التي عجّلت بتفاقم الأزمة والتي تقودنا نحو “العروض السياسية الفاشلة”.
تبعا لكل الحيثيات التي سبق جردها، فإن المبادرة الدستورية من أجل الشعب تعتمد على ثلاثة إجراءات دستورية متكاملة قد تساعد على تدعيم المخارج القانونية لإنهاء حالة فشل المنظومة الحزبية في التعامل مع تحديات ورش الاندماج الافريقي للمغرب ومع التعامل مع المطالب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في مختلف الأقاليم المغربية وفق مقاربة تشاركية؛ وهي كالتالي:
1 -الإعلان عن حالة الاستثناء وفق الضوابط القانونية التي يضمنها الفصل الـ59 من الدستور، ثم إقالة حكومة سعد الدين العثماني وتشكيل “حكومة الفعالية” برئاسة شخصية من خارج أحزاب الأغلبية والمعارضة تعتمد الكفاءة وثقافة الإنجاز القادرين على إحقاق البعد التنموي والحقوقي للتعاقد الدستوري؛
2 -الإعلان عن تشكيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي وإخراجه لحيز الوجود، قصد استكمال البناء المؤسساتي الدستوري، وتنزيل مفهوم الديمقراطية التشاركية التي جسدها الفصل الـ33 من التعاقد الدستوري.
3 -تطبيق أحكام الفصل الـ40 من الدستور التي تفرض على الجميع أن يتحملوا، بصفة تضامنية وبكيفية تتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد.