حاوره-عزيز ادريوشي
في هذا الحوار، يسلط زهير المغزاوي المرشح للانتخابات الرئاسية التونسية، الضوء على حظوظه للفوز بهذه الانتخابات، وموقفه من عدد من القضايا الإقليمية، وعلى رأسها العلاقات بين الدول المغاربية.
وأكد المغزاوي، في حوار خص به جريدة “24 ساعة” الإلكترونية أنه يترشح اليوم “من أجل استكمال مهام الثورة التونسية والتزاما بالأمانة التي تركها لنا شهداء الوطن من معركة التحرير ضد المستعمر الفرنسي إلى مرحلة النضال ضد الفساد والاستبداد والأفكار السياسية الماضوية المتدثرة بالدين”.
مامدى حظوظكم في الفوز، وما موقفكم من الانتقادات التي توجه إلى هيئة الانتخابات والسلطات في تونس بتعمد إقصاء منافسين محتملين للرئيس الحالي؟
بخصوص الانتخابات الرئاسية التونسية، نحن نترشح من أجل الفوز ولا شيء غير الفوز. تونس جديرة بفتح آفاق جديدة على قاعدة برنامج اقتصادي واجتماعي يتماشى وانتظارات التونسيين في العدالة الاجتماعية والنمو والتنمية.نحن نعتقد أن حظوظنا وافرة للفوز رغم الظروف الصعبة التي تجري فيها الانتخابات.
في الحقيقة لا أود الاسهاب كثيرا في الحديث عن خلافتنا الداخلية التونسية في وسائل إعلام أجنبية حتّى وإن كانت المملكة المغربية بلد شقيق.أنا أدعو جميع التونسيات والتونسيين إلى الالتفاف حول ترشحي من أجل تونس أخرى أفضل على جميع المستويات.أكن الكثير من الاحترام لمنافسي الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيّد.
لكنّي أعتقد أنّ وقت التغيير قد حان وتونس جديرة بفتح صفحة جديدة من خلال فكر سياسي عقلاني ومشروع يوّحد الشعب التونسي على أرضية ديمقراطية تعلي من المسألة الاقتصاديّة والحقوق والحريات عموما مع ضرورة حوكمة الدولة بطريقة أكثر فاعلية ونجاعة.
فالرئيس قيس سعيّد له ما له وعليه ما عليه وأنا كرجل دولة ورئيس مرتقب لتونس أحترم كل من خدم دولتنا واجتهد ولكن الاجتهادات أحيانا تقود إلى ارتكاب أخطاء تعيد إنتاج الماضي. لهذا أترشح اليوم من أجل استكمال مهام الثورة التونسية، والتزاما بالأمانة التي تركها لنا شهداء الوطن من معركة التحرير ضد المستعمر الفرنسي إلى مرحلة النضال ضد الفساد والاستبداد والأفكار السياسية الماضوية المتدثرة بالدين وهو براء منها، فضلا عن الحيف الاجتماعي.
زهير المغزاوي هو مرشح الأغلبية الشعبية والوحدة الوطنيّة وهو يقدّم برنامجا عمليا جوهره الانجاز من أجل التقدّم بالدولة والمجتمع على حدّ سواء. لذلك، أدعو التونسيين إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات من أجل تحقيق انتقال سلمي للسلطة يعطي درسا للعالم في السيادة الشعبية وفي الديمقراطية، وقطع الطريق على مشاريع العودة بالبلاد إلى الخلف.
تونس يوم 6 أكتوبر 2024 لن تكون هي نفسها تونس 25 جويلية 2021 ولا تونس 24 جويلية 2021 ولا تونس 7 نوفمبر 1987 بكلّ ما تحمله هذه التواريخ من رمزيات سياسيّة مكثفة في الذاكرة الجماعيّة.ثقتي كبيرة في الشعب التونسي الذي سيفتح صفحة عنوانها التقدّم والانجاز والثورة الناعمة بقيادة زهير المغزاوي ، الذي خبر الدولة والدولة خبرته في مختلف المراحل سواء في المعارضة أو داخل المؤسسات مثل البرلمان الذي كنت نائبا فيه طيلة 7 سنوات.ف
وفي مؤسسة رئاسة الجمهورية سأضع عصارة تجربة 40 سنة من العمل السياسي والمدني على ذمّة الدولة من أجل إعادة الأمل وتحقيق الرخاء والتقدّم.
هل تسعى تونس إلى الانضمام إلى مجموعة البريكس، وماذا يعني ذلك لعلاقاتها مع دول المغرب العربي والغرب؟
المغزاوي:طبعا ستكون من بين أهدافنا في السياسة الخارجية الجديدة لتونس مسألة العمل على الانضمام إلى البريكس.دبلوماسيتنا تقوم على فلسفة صفر مشاكل وهي دبلوماسية نشيطة وبناءة تؤمن بتنويع العلاقات ومجالات التعاون لهذا سنسعى من خلالها إلى أن تعود تونس إلى صدارة المشهد الإقليمي والدولي وتجاوز مرحلة العزلة وخبط العشواء وغياب التخطيط والقيادة الفعّالة.الانضمام للبريكس يحتاج إلى تهيئة البنية التحتية لذلك خاصة على المستوى الاقتصادي.
نحن لا نعادي الغرب بل نرى أن العالم أوسع وأرحب من حصره في معسكر واحد. السياسة تقوم على المصالح ولكن أيضا على السيادة الوطنية وعلى المعاملة بالمثل. نحن أيادينا مفتوحة للجميع من أجل التعاون في مختلف المجالات من أجل خدمة شعبنا ومن أجل السلام والنهوض الاقتصادي والتنموي.أظن أنّ تواجد دول المغرب العربي في مجموعة البريكس مهم وضروري وهو يحتاج إلى الكثير من العمل والجهد حتّى يتحقّق في أفق السنوات القادمة.
كيف تؤثر أزمة الهجرة غير النظامية على العلاقات بين تونس والاتحاد الأوروبي، وماهي الآفاق المستقبلية لعمل مجموعة 5 زائد خمسة في هذا الصدد؟
ملف الهجرة غير النظامية معقد للغاية. لكن تونس لا يمكن أن تقبل بأن تلعب دور الحارس لأي كان ولا يمكن أن تقبل بأي مشاريع توطينيّة.موجات الهجرة غير النظامية واللجوء هي نتاج للحروب والنزاعات التي تغذي فيها دول بعينها في المنطقة الأفريقية. وهي أيضا نتاج لسياسات استعمارية نهبت خيرات القارة وعطلت قطار التحرّر والتنمية والتقدّم الاقتصادي.
كما أنّ المعطى المناخي أصبح اليوم محركا رئيسيا في هذا المضمار.تونس متمسكة بالعمل الإفريقي والمغاربي والعربي المشترك وهذا التعاون يجب أن ينفتح أكثر على القوى الصاعدة في آسيا وفي أمريكا الجنوبية.
بالنسبة للعلاقة مع الاتحاد الأوروبي نحن نؤمن بحقائق الجغرافيا والتاريخ والاقتصاد السياسي والجيوـ سياسة، لكن أيضا هناك حقيقة الأرقام والمؤشرات لهذا أظن أنّ الكثير من الأشياء تحتاج إلى مراجعات حتّى نظمن فرصا أكبر لبناء شراكات وعلاقات متكافئة في إطار السيادة الوطنية وعلى قاعدة تحقيق الفائدة للجانبين.
كيف تنظرون إلى فكرة اتحاد المغرب العربي في ظل مساعي البعض لبعث كيان مشوه دون المملكة المغربية، وماذا ستقدمون للعمل المغاربي المشترك في حال فوزكم برئاسة تونس؟
نحن لا يمكن أن نقبل بأي مشروع لتفتيت المغرب العربي. والاتحاد المغاربي هو البيت المشترك الذي يجمع جميع دول المنطقة دون أن ننسى موريتانيا القوة الناعمة الصاعدة وليبيا البلد الشقيق والعزيز.
بعض الدراسات تقول إنّ كلفة اللامغرب تقدّر سنويا بفقدان ما لا يقلّ عن نقطة في مستوى النمو الاقتصادي، وهذا كارثي. لماذا تخسر شعوب المغرب العربي فرصا حقيقيّة للتقدّم ولكي نكون موحدين وأكثر قوة وصلابة في التفاوض مع الاتحاد الأوروبي وداخل مجموعة خمسة زائد خمسة وحتى صلب الاتحاد الأفريقي.
وفور وصولي لرئاسة الجمهورية التونسيّة سأعمل على قيادة مصالحة مغاربية من أجل مصلحة الشعوب المغاربية قاطبة.لا توجد هناك مشاكل أزلية أو مشاكل دون حلّ.
إن فرص المصالحة ممكنة وتحتاج إلى عقل هادئ وبارد وإعلاء فكرة الصالح العام. التكامل الاقتصادي بات أمرا ضروريا، ويجب تفعيل عديد الاتفاقيات المشتركة وأيضا وضع تصوّر جديد لدور الكتلة المغاربية في المعادلة الإقليمية والدولية.يجب تحقيق إرادة الشعوب المغاربية في الرقي والتقدم وكسر القيود والحواجز وتفويت الفرصة على من يتربصون بنا شرا. لذلك سأعمل على تحقيق ذلك ولنا في تاريخنا المشترك زمن النضال ضد الاستعمار جذور يمكن البناء عليها.
ما هي رؤيتكم للعلاقات التونسيّة المغربية على ضوء الأزمة الحالية وسبل رأب الصدع في حال الفوز بالرئاسة؟
لن أتأخر قيد أنملة في تجاوز سوء التفاهم الحاصل. تونس لا يمكن أن تقبل بوجود أزمة أو حتّى برود في العلاقة مع المملكة المغربية.فور وصولي إلى رئاسة الجمهورية سوف أعمل مع القيادة المغربية على إعادة العلاقات إلى وضع طبيعي بل أبعد من ذلك سأعمل على تطوير العلاقات بين البلدين لأنّ فرص التعاون والعمل المشترك عديدة.لن أقبل بأي أزمة لا مع المغرب ولا مع الجزائر والنقاط الخلافية يمكن أن تعالج في الأطر الدبلوماسية. ما يجمع دولنا المغاربية أكثر مما يمكن أن يفرق بيننا. تونس ستكون دائما قوة خير في المنطقة وطرفا جديرا بالثقة من الأشقاء الذين لن نتركهم يتحولون إلى إخوة أعداء على شاكلة رواية الأخوة كارامازوف للكاتب الروسي دوستويفسكي.
ماذا عن الأزمة الليبية، هل تستطيع تونس لعب دور محوري في حلّ الصراع الدائر؟
ليبيا بالنسبة لنا هي العمق الاستراتيجي لتونس والعكس بالعكس. نحن نتأسف على ما حصل من تدمير لهذا البلد الشقيق والعزيز.
ليبيا جديرة بالسلام وشعبها يتطلع إلى بناء دولته القويّة والموحدة.نحن لا نقبل أي مخططات للتقسيم والتخريب وسنكون إلى جانب الشعب الليبي في تجاوز مخلفات الحرب والتدمير والتفتيت دون التدخل في شؤونه.
فالحلّ يجب أن يكون متماشيا مع إرادة الشعب الليبي في طي الصفحة والتطلع إلى المستقبل وأنا واثق من قدرة الزعامات السياسية في ليبيا على حسم الخلافات بآليات ديمقراطية.إنّ نجاح ليبيا في تخطي هذه المرحلة الصعبة هو نجاح لتونس ولهذا سنكون قوة خير وتجميع وبناء.