24ساعة-متابعة
بينما تنتشر الأصداء الإيجابية لتعيينه في منصب وزير الخارجية، يبدو أن ماركو روبيو قادر على بث حياة جديدة في الدبلوماسية الأمريكية في منطقة المغرب العربي. ويفضل نهجها انتهاج سياسة أكثر صرامة تجاه الأنظمة الاستبدادية مع تعزيز التحالف الاستراتيجي مع المغرب، اللاعب الرئيسي في الاستقرار الإقليمي.
في عام 2023، طبع السيناتور ماركو روبيو مناقشات السياسة الخارجية في الولايات المتحدة بتصريحات انتقادية بشكل خاص للجزائر، ووضع نفسه لصالح سياسة أكثر صرامة ضد هذا البلد بقيادة الأوليغارشية العسكرية التي عفا عليها الزمن. وفي وقت حيث تشير شائعات عن تغييرات في الإدارة الأميركية إلى أن روبيو قد يخلف أنتوني بلينكن في منصب وزير الخارجية، يبدو الآن أن صعوده يجري على قدم وساق.
وفي الواقع، يمثل روبيو، العضو المؤثر في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، خيارا استراتيجيا من شأنه أن يعكس تحولا ملحوظا في الدبلوماسية الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع دول شمال إفريقيا والمغرب على وجه الخصوص، الذي أصبح شريكا استراتيجيا رئيسيا. الولايات المتحدة في المنطقة”، يقول الكاتب العام للمركز المغربي للبحث في العولمة “نجم المغرب”، ياسين اليتيوي، لموقع هسبريس FR.
مدافع متحمس عن المصالح الأمريكية
تُظهر مسيرة ماركو روبيو المهنية في مجلس الشيوخ موقفه الثابت لصالح الدفاع عن المصالح الأمريكية، وخاصة في مواجهة الأنظمة الاستبدادية. “على مدى عدة سنوات، انتقد روبيو علناً المناورات الجيوسياسية للجزائر، لا سيما في مسائل الدفاع والأمن. وتشددت مواقفه عام 2023، عندما أظهرت البيانات زيادة في الإنفاق العسكري الجزائري بأكثر من 10%، ليبلغ نحو 9.1 مليار دولار، وهو من أكبر الإنفاق العسكري في أفريقيا. وقد أبرمت الجزائر بشكل خاص اتفاقيات أسلحة مع روسيا، المورد الرئيسي لها، لشراء كميات كبيرة من المعدات العسكرية. ووفقا لأرقام معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، أصبحت الجزائر الآن ثالث أكبر مستورد للأسلحة الروسية في العالم، بعد الصين والهند”.
وأضاف: “روبيو، الذي دعا باستمرار إلى فرض عقوبات اقتصادية وقيود على المساعدات على الدول التي تتعاون بشكل وثيق مع روسيا، يرى في هذا التحالف تهديدًا مباشرًا لمصالح الولايات المتحدة في شمال إفريقيا وعاملًا لزعزعة استقرار المنطقة”.
مؤيد لتعزيز العلاقات المغربية الأمريكية
وفي الوقت نفسه، يدعو روبيو إلى تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة والمغرب، الذي يعتبره ركيزة للاستقرار وحليفا موثوقا به في المنطقة. “يبدو المغرب، مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.8٪ في عام 2024 على الرغم من التحديات المناخية والاقتصادية العالمية، لروبيو كمثال على المرونة والتعاون الفعال. ومنذ اعتراف الولايات المتحدة رسميا بالسيادة المغربية على الصحراء في عام 2020، ازدهرت التبادلات الاقتصادية والاستراتيجية بين البلدين. وبلغت الصادرات الأمريكية إلى المغرب 5.7 مليار دولار سنة 2024، بزيادة 21% عن العام السابق، وهو رقم يوضح الإمكانات التجارية لهذه العلاقة. وفي المقابل، استثمر المغرب في قطاعات استراتيجية بالولايات المتحدة، بما في ذلك الطاق ويواصل بهذا المعنى أن “روبيو، باعتباره وزيرًا محتملاً للخارجية في المستقبل، ربما يطرح هذه الشخصيات للدفاع عن سياسة من شأنها تعزيز الشراكة مع المغرب. ومن الناحية الاستراتيجية، فقد ميز المغرب نفسه بالتزامه بمكافحة الإرهاب”.
وفي سنة 2024، أتاح المغرب اعتقال 82 شخصا مرتبطين بأنشطة إرهابية، وتعاون مع الولايات المتحدة في العديد من العمليات الاستخباراتية، مما ساهم في أمن البلدين. وفي سياق تصاعد التطرف في أجزاء من منطقة الساحل، أثبت المغرب نفسه كدولة رائدة في مجال الأمن في المنطقة، ويمكن لروبيو أن يجعله نموذجا للدول الإفريقية الأخرى”.ة المتجددة والتكنولوجيات الزراعية”.
تعزيز دبلوماسية أمريكية أكثر استباقية في أفريقيا
وعلى المستوى الجيوسياسي، أبرز روبيو أيضا أهمية دور المغرب في مبادرات السلام بإفريقيا. وفي عام 2024، استضاف المغرب عدة مؤتمرات دولية تهدف إلى تعزيز التعاون الإقليمي ضد الإرهاب والتطرف، بالتعاون مع منظمات مثل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. وبحسب اليتيوي، “يمكن لروبيو الاستفادة من هذه التجربة المغربية لتعزيز دبلوماسية أمريكية أكثر استباقية في إفريقيا، من خلال تعزيز الشراكات مع البلدان التي تتقاسم نفس القيم وتشجيع الحل السلمي للصراعات الإقليمية”.
أقوى المحور الاقتصادي والسياسي بين واشنطن والرباط
أخيرًا، يمكن لروبيو تعزيز المحور الاقتصادي والسياسي بين واشنطن والرباط، من خلال تطوير اتفاقيات تجارية مفيدة لكلا البلدين ودعم دمج المغرب في سلاسل التوريد الأمريكية للقطاعات الاستراتيجية.
ويشير الخبير إلى أن “المغرب يعد بالفعل لاعبا رئيسيا في تصدير الفوسفاط، وهو مورد بالغ الأهمية للزراعة، ويمكن لروبيو الاستفادة من هذه الفرصة لتأمين مصادر الإمداد خارج الصين”، مضيفا أنه “مع اتباع نهج دبلوماسي يركز على والاستقرار الإقليمي والأمن القومي، يمكن لروبيو أن ينفذ سياسة خارجية أمريكية تتماشى بشكل وثيق مع المصالح المغربية، وتدعم تنميتها الاقتصادية في الأقاليم الجنوبية وتعزز دورها كزعيم إقليمي.