الرباط-عماد مجدوبي
تتوالى ردود الأفعال والتصريحات بعد التقرير الذي أصدرته الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، وموقفها الأخير من مواد مشروع المسطرة الجنائية الجديد خصوصا الشق المتعلق بمنع الجمعيات من وضع شكاياتها ضد المسؤولين والمنتخبين المتهمين بتبديد المال العام، وهو التوجه الذي أثار جدلا كبيرا داخل الأوساط الحقوقية والجمعوية.
جريدة “24 ساعة” اتصلت برئيس الشبكة المغربية لحماية المال العام محمد المسكاوي الذي صرح أن التقرير تطرق لمجموعة من المؤشرات الدولية، وتطرق أيضا لدراسة قامت بها هيئة النزاهة، خاصة باستطلاع الرأي والمقاولات والمواطنين، سواء في المغرب أو خارج المغرب، مشيرا إلى أن هذا شيء مهم في مواضيع مكافحة الفساد، إلى جانب النضال.
وتابع المسكاوي موضحا بأن المجتمع المدني من واجبه التوعية والتحسيس، واشتغاله على مجموعة من المؤشرات كالمواقع التي ينتشر فيها الفساد بكثرة، والبحث في القطاعات التي تعاني من الفساد والذي يتعامل معها المواطنون بشكل يومي.
وقال محمد المسكاوي: “بالنسبة لنا كشبكة مغربية لحماية المال العام، هذا التقرير مهم جدا، ولكن في المقابل من المفروض على الحكومة باعتبارها جهاز تنفيذي، والبرلمان كجهاز تشريعي، أن يأخذا هذه التقارير، سواء السابقة أو الحالية، ويترجمونها على أرض الواقع”. وأضاف: “على سبيل المثال، البرلمان يجب أن يعد مجموعة من القوانين التي تتلاءم مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، كمقترحات قوانينن ومن جهة أخرى يجب على الحكومة أيضا أن تنظر لهذا التقرير وملاحظاته”.
وأشار إلى أنه سبق أن أدلى بعدد من التصريحات الصحافية، منذ تعيين عزيز أخنوش، رئيسا للحكومة إلى حدود الساعة، بأن الحكومة لها دور كبير في مكافحة الفساد باعتبارها جهاز تنفيذي، فالمحكومتين السابقتين قاموا بإنشاء استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، من المفروض أن تنتهي أهدافها سنة 2025 ومشاريعها المتمثلة في 130 مشروع”.
وأوضح أن هذه الاستراتيجية تسيرها اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، والتي يترأسها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، “لكن مع الأسف حكومة أخنوش وسبق وقلناها قبل أن يخرج بها التقرير الأخير، لم تقم بأي اجتماع مع اللجنة الوطنية منذ أن تعين عزيز أخنوش رئيسا للحكومة، ونحن الآن تجاوزنا نصف الولاية، وهذا يعني أن الحكومة للأسف مغيبة من أجندة مكافحة الفساد، أو بالأحرى غيبت موضوع مكافحة الفساد من أجندتها”.
ولم يخف المتحدث وجود “تراجعات وقعت مع الحكومة الحالية، فإطار المشروع الذي هو مربط الفرس ويكمل القانون الخاص بتصريح الممتلكات يجب أن يتغير، لأنه يعطي الصلاحيات للجهات القانونية المختصة أن تعرف مصادر ثروات المسؤولين”. وزاد قائلا: “إضافة إلى هذا اللغط الذي قام به وزير العدل وهبي، في مشروع القانون الجنائي، أنه ليس من حق الجمعيات أن تقوم بشكاية للنيابة العامة، فلتوضيح الصورة أكثر فالجمعيات لها الحق في وضع الشكايات لكن عند الهيئة الوطنية للنزاهة، كجهة ذات الاختصاص.
أما وضع الشكاية لذى النيابة العامة فهو ممنوع، لهذا قمنا بالإجابة عنه في بلاغ سابق، أكدنا فيه أننا نختلف مع هذا المشروع لعدة أسباب، لأنه يتناقض أولا مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، التي تعتبر أن المجتمع المدني شريك أساسي في هذه العملية، ومن بين هذه الشركات أن المجتمع المدني وقتما توفرت له الإمكانية، أو المعطيات الصحيحة والدقيقة في ملفات قضايا الفساد يجب أن يتوجه للقضاء بشكل عادي”.
وأورد في هذا السياق أن “الحرمان من هذا الحق، أو كما ادعى وزير العدل في ندوة سابقة أنه إذا قمنا بهذا المشروع لن نجد من يترشح، فأقول أن هذا الكلام فضيحة لأن الوزير هنا يرشح الفاسدين، أما عمليا فالأحزاب المغربية ترشح من شاءت، ولكن من تتحرك ضده مسطرة تظهر فساده فهذا يجب علينا أن نبعده لأنه لن يمثلنا ولن يمثل شعبنا، خاصة إذا ثبتت عليه الشبهة الجنائية”
وقال محمد المسكاوي في ختام تصريحه، “إننا نتوفر على تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة، ولدينا أيضا تقارير مجلس الحسابات، والتي الهدف منها إعطاء مؤشرات تعطي الملفات التي اشتغلت عليها الهيئة، والتي اشتغلت عليها النيابة العامة عن طريق الرقم الأخضر، ومجلس الأعلى للحسابات كمؤسسة دستورية مختصة بقضايا تتبع الجرائم المالية، والتي تأتي فيها ملفات ذات طبيعة جنائية، فتقوم الصحافة بالكتابة وتسليط الضوء، وتتقدم شكايات، ومع ذلك لا يتم توقيف المسببين في الفساد، فالسؤال هنا أين هو الخلل؟ بالرغم من اشتغال هذه المؤسسات”.
وأضاف أن ما ينشر أيضا من مؤشرات تبين أننا لا زلنا تحت الصفر في قضية مكافحة الفساد وهذا بحد ذاته ينعكس على التنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، وانتشار البطالة، واستفحال مجموعة من المظاهر السيئة، نتيجة مظاهر الفساد، فهنا يجب على الحكومة أن تقف عليه لكي نتقدم في مؤشرات مكافحة الفساد، فكلما تقدمنا سينعكس بالإيجاب على الاقتصاد الوطني، وعلى الثقة في الاستثمار داخل المملكة، وعلى الإجراءات الإدارية، وعلى نزاهة القضاء..إذا هذا كله يصب في توجه واحد هو أننا سنمتلك مؤسسات قوية خالية أو شبه خالية من الفساد عبر إجراءات وتدابير وقائية وجزرية”.