الرباط-عماد مجدوبي
رغم تواريه عن الأضواء منذ استكمال مهامه على رأس الآلية السياسية لمراجعة دستور 2011، ظل اسم المستشار الملكي محمد المعتصم حاضرا في الذاكرة السياسية. فقد برز الرجل بشكل لافت بمناسبة المشاورات حول وثيقة 2011، في غمرة احتجاجات سرعان ما تفاعل معها الملك محمد السادس من خلال إصلاحات مهمة انتهت بإعلان الوثيقة الدستورية، وخروج المعتصم إلى شاشة التلفزيون لتلاوة التعديلات التي تم التوافق حولها.
لم تكن مهمة الرجل سهلة. فقد تم تكليفه بالآلية السياسية التي كان على رأس مهامها التوفيق بين مختلف الآراء ووجهات النظر، في أفق الوصول إلى دستور يستجيب لتطلعات الجميع، في إطار المنهجية المغربية المتفردة. وهكذا كان، فقد نجح الرجل في الوصول بهذه المشاورات إلى بر الأمان، قبل أن يختفي بعد ذلك نتيجة المرض الذي ألم به وعجل بوفاته صباح الاثنين 6 يونيو 2023 بعدما دخل مؤخرا المستشفى العسكري بالرباط.
ازداد معتصم سنة 1956 بمدينة السطات حيث تابع دراسته الابتدائية والثانوية، ليلتحق بعدها بكلية الحقوق بالرباط ويحصل منها على الإجازة في العلوم السياسية سنة 1977، تبعها حصوله على شهادتين للدراسات العليا من كلية الحقوق بالرباط في العلوم السياسية والعلاقات الدولية. وفي سنة 1983، حصل على دبلوم الدراسات العليا من كلية الحقوق بالدار البيضاء. وفي سنة 1988، ناقش أطروحته الشهيرة لنيل دكتوراه الدولة في العلوم السياسية حول “التطور التقليداني للقانون الدستوري المغربي”، وأصبح معتصم مرجعا في الفقه الدستوري المغربي وبصفته الأكاديمية نشر العديد من الكتب منها “التجربة البرلمانية بالمغرب” و”النظام السياسي المغربي 1962-1991″و”الأنظمة السياسية المعاصرة”. وقد مارس التدريس في جامعتي الرباط والدار البيضاء.
في ظرف وجيز، استطاع الرجل الذي راكم تجربة أكاديمية مهمة أن يستقطب اهتمام الكبار، ليدخل عالم السياسة من أبوابه الواسعة. فقد أصبح وزيرا قبل أن يعين مستشارا ملكيا.
فقد تولى وزيرا منتدبا لدى الوزير الأول مكلفا بالعلاقات مع البرلمان في الحكومتين اللتين شكلتا في 11 نونبر 1993 و7 يونيو 1994، كما عين في 25 فبراير 1995 مكلفا بمهمة في الديوان الملكي، وفي 1999، عين مستشارا ملكيا. وفضلا عن ذلك عين معتصم عضوا بالمجلس الاستشاري لحقوق الانسان. وفي سنة 1995، وشحه الملك الحسن الثاني بوسام العرش من درجة فارس. كما عين عضوا في المجلس الوطني لحقوق الإنسان.