كريم السعداني – الرباط
لعل المثل الدارج الذي يردده المغاربة “عطيني بيضة ولا نطيح” أصدق ما ينطبق على أصحاب بوتيكات “حقوق الإنسان” ووكلاء قطع غيار “المبادئ والحريات”. فالتستر وراء حقوق الإنسان، على الرغم من سمو معناها ومطالبة الشعوب بتطبيقها، أضحى سبيلا معبدا للاسترزاق وتكديس الدولارات وامتلاك العقارات.
مؤسف أن يعتقد هؤلاء الواهمون أن هذه “المظلة الواهية” التي يحملونها ستقيهم أشعة العدالة أو ستمنحهم مكانة فوق القانون، متجاهلين أنهم أول من يجب أن يحرص على احترام حقوق الانسان والالتزام بالقانون؛ تلك المسؤولية العظيمة والعبء الثقيل الذي يتطلب التجرد والكفاءة والإخلاص والانحياز إلى المصلحة الوطنية، لا تفضيل المصالح الشخصية التي غالبا ما يكون ثمنها الوطن.
بديهي إذن أن يلجأ الناشط “الحقوقي” المعطي منجب، بعد رفضه للبحث التمهيدي الجاري معه رفقة أحد أفراد عائلته، -أن يلجأ- إلى كل السبل غير المشروعة قبل المشروعة من أجل دفع التهم المنسوبة إليه. وأن يحاول بكل الطرق أن يؤثر على استقلالية القضاء، ويتخذ من الدفاع عن الحقوق والحريات ومن تدويناته الافتراضية غطاء له بعد عجزه عن مواجهة ما نسب إليه.
إن هذا الهروب الجبان من ساحة المعركة، وعدم مقارعة الحجة بالحجة، واللجوء إلى الإضراب عن الطعام أكبر دليل على أن القضية المطروحة الآن لها أساس من الصحة. فالبريء حتما لا يخشى المثول أمام القضاء، وعلى من يدعي الغيرة على الجهاز القضائي أن يتوقف عن تبرئة المتهمين.
المعطي منجب اليوم مطالب بأن يثبت براءته مما نسب إليه أمام الجميع، فالدفاع عن الحقوق والحريات لا يمكنه بأي شكل من الأشكال أن ينزه صاحبه، بل يقتضي أن يكون صاحبه صريحا نزيها غير متناقض مع المبادئ والأفكار التي يدافع عنها.
المغاربة اليوم في حاجة إلى حقوقي يؤمن بالوطن، ويجعله أساس عمله الحقوقي، ويبتعد بنفسه عن المزايدات، وقبلها عن الأنانية العمياء والمساومات الرخيصة وخدمة أجندات خارجية يكون ثمنها الوطن.