يستحق خطاب ثورة الملك والشعب وصف “مخطط إعمار متعدد الأبعاد”؛ فلا يمكن لنا فهم نص الخطاب إلا بالتدبر العميق في الفقرة -المفتاح لاستنباط الجواب عن سؤال ماذا يريد الملك؟، إذ جاء في خطاب الملك قوله “ومن يعتقد أننا قمنا بكل ذلك فقط من أجل العودة إلى الاتحاد الإفريقي فهو لا يعرفني”. وهنا نلحظ الانتقال اللغوي من النون الدالة على ضمير المتكلم بصيغة الجمع في “أننا قمنا بكل ذلك”، التي تؤكد حرص الملك على ترسيخ ثقافة الاعتراف بجماعية العمل المنجز وكذلك افتخاره الإستراتيجي بفريق عمله، إلي اعتماد ضمير المتكلم بصيغة المفرد في جملة “فهو لا يعرفني”، الذي يوضح العزيمة القوية لشخص الملك عبر استعمال ضمير المتكلم الواثق من الانتصار للمستقبل.. ولعلها أهم الصفات القيادية لتي يتمتع بها الملك محمد السادس، بالإضافة إلى ميزة التفكير العميق والواقعي الذي تحكمه رؤية إستراتيجية اندماجية بعيدة المدى، وفق مقاربة تدريجية تقوم على التوافق.
ويدل هذا على أن الملك له مشروع تنمية إفريقية ذا مصداقية عالية ويحظى بتوافق إقليمي ودولي، مشروع محمد السادس، كما أعلن عنه الملك بقوله “إننا بصدد بناء إفريقيا واثقة من نفسها، متضامنة ومجتمعة حول مشاريع ملموسة، ومنفتحة على محيطها”.
أما تخصيص موضوع الخطاب الموجه إلى الشعب لبسط المنجزات المحققة فليس إلا المدخل التحفييزي لإعلان الانتقال إلى المرحلة المقبلة الحاسمة، التي لخصها الملك في خطابه في قوه: “إن الوقت الآن هو وقت العمل، والمغرب حريص على مواصلة الجهود التي يقوم بها داخل قارته منذ أكثر من خمسة عشر سنة”.
وعند الحديث عن جمالية الغايات في الخطاب الملكي يتمظهر مستوى التأصيل الأخلاقي لـ”مشروع إعمار إفريقيا متعدد الأبعاد” من خلال تشبث الملك بنهج القيم الراقية المقاصد النبيلة، وهذا ما توضحه بجلاء الفقرة الواردة في نص الخطاب: “فما أحوجنا اليوم إلى استلهام قيم التضحية والوفاء والعطاء المستمر لمواصلة حمل مشعل هذه الثورة المتجددة، داخليا وقاريا. فبهذه المبادئ والقيم، وبالعمل الجماعي، سنتمكن من رفع التحديات المتداخلة التي تواجهنا لتحقيق التنمية الشاملة وترسيخ الأمن والاستقرار الذي تتطلع إليه شعوب المنطقة”.
رئيس جمعية الاختيار الحداثي الشعبي