24 ساعة ـ عبد الرحيم زياد
تشهد العلاقات بين المغرب وإسبانيا في السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا. ليس فقط على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي، بل أيضًا في حركة السفر والتنقل البشري بين البلدين. ومع بداية عام 2025، تبرز أرقام استثنائية تؤكد هذا التقارب، حيث تجاوز عدد المسافرين في كلا الاتجاهين بين شمال المغرب وجنوب إسبانيا 700 ألف مسافر خلال الشهرين الأولين من السنة فقط، وفقًا لما تم تداوله في تقارير حديثة على منصات التواصل الاجتماعي مثل “Maghreb_Intel“.
حركة العبور: مؤشر على الترابط المتزايد
تعد هذه الأرقام غير المسبوقة دليلاً واضحًا على تعزيز الروابط بين البلدين. حيث يعتمد هذا التنقل الكبير على الروابط البحرية عبر مضيق جبل طارق، خاصة بين موانئ مثل طنجة وطريفة أو الجزيرة الخضراء. ففي عام 2022، أشار تقرير صادر عن الحكومة الإسبانية إلى أن عملية “عبور المضيق”. شهدت انتقال 2.9 مليون مسافر و700 ألف مركبة خلال ثلاثة أشهر فقط. مما يعكس أهمية هذا المسار. أما في 2025، فإن تجاوز 700 ألف مسافر في شهرين ينبئ بموسم صيفي قد يكسر كل التوقعات. مدعومًا بتحسن العلاقات الثنائية بعد فترة من التوترات.
أسباب هذا الارتفاع الاستثنائي
يمكن تفسير هذه الحركة الاستثنائية بعدة عوامل. أولاً، الجالية المغربية في إسبانيا، التي تُعد الأكبر بين الجاليات الأجنبية هناك وتضم نحو 800 ألف شخص، تلعب دورًا كبيرًا في هذا التنقل، خاصة خلال المناسبات الدينية مثل رمضان وعيد الفطر، والفترات الصيفية التي تتزامن مع عودة المغتربين لزيارة عائلاتهم. ثانيًا، التعاون الاقتصادي المتنامي، حيث تُعد إسبانيا أكبر مستثمر أجنبي في المغرب، مما يزيد من حركة رجال الأعمال والسياح. وأخيرًا، تحسن البنية التحتية للنقل البحري، مع وجود شركات مثل FRS وAfrica Morocco Link التي توفر رحلات يومية متكررة وسريعة بين الجانبين.
تأثيرات إيجابية وتحديات محتملة
من الناحية الإيجابية، تعزز هذه الحركة التبادل الثقافي والاقتصادي بين البلدين، وتدعم السياحة في المغرب التي استقبلت 17.4 مليون سائح في 2024، مع توقعات بارتفاع أكبر في 2025. كما أنها تؤكد نجاح التعاون في مكافحة الهجرة غير النظامية، حيث أحبط المغرب أكثر من 78 ألف محاولة عبور غير قانوني في 2024، مما يعزز الثقة بين الرباط ومدريد.
لكن هذا الارتفاع قد يحمل تحديات، مثل الضغط على البنية التحتية للموانئ والمطارات. وضرورة تعزيز التنسيق الأمني لضمان سلامة المسافرين. كما أن استمرار هذا النمو قد يتطلب استثمارات إضافية في وسائل النقل والخدمات اللوجستية.
عام استثنائي في الأفق
مع هذا الزخم، يبدو أن عام 2025 سيشهد مستويات غير مسبوقة من التفاعل بين المغرب وإسبانيا. مما يعكس عمق العلاقة التاريخية والجغرافية التي تربط البلدين على بعد 14 كيلومترًا فقط عبر مضيق جبل طارق. إن استمرار هذا التعاون والتنقل البشري قد يضع الأسس لشراكة أكثر قوة في المستقبل. تجعل من هذا العام نقطة تحول في العلاقات المغربية-الإسبانية.