24 ساعة-عبد الرحيم زياد
شهدت العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا في عام 2024 تحولاً نوعياً. حيث تمكن البلدان من تجاوز الخلافات السابقة وفتح صفحة جديدة من التعاون والشراكة الاستراتيجية.
هذا التحول اللافت للنظر يعكس الإرادة السياسية القوية لدى قيادتي البلدين لبناء علاقات متينة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وسجلت سنة 2024 التي ستغادرنا بعد أيام قليلة، فصلا هاما في العلاقات بين المغرب وإسبانيا، حيث تم ترسيخ شراكة استراتيجية قائمة على التضامن والاحترام المتبادل والتعاون متعدد الأبعاد. فمن السياسة إلى الرياضة والاقتصاد وإدارة الأزمات، أظهر البلدان قوة علاقاتهما الثنائية.
دعم اسباني متواصل لمغربية الصحراء
ظلت قضية الصحراء المغربية مركزية في جدول الأعمال السياسي. وجدد رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، دعم إسبانيا للمبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية” لحل النزاع المفتعل. وهو الموقف الذي سبق أن تم التعبير عنه في الإعلان المشترك في أبريل 2022.
كما بددت زيارة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، ووزير خارجيته، خوسيه مانويل ألباريس، إلى المغرب. شهر فبراير 2024، آمال خصوم الوحدة الترابية للمملكة المغربية، في مقدمتهم النظام العسكري الحاكم في الجزائر وجبهة البوليساريو المدعومة من طرفه، بشأن إمكانية تراجع الدولة الإسبانية عن دعم مقترح الحكم الذاتي المغربي.
ومما عزز هذه القناعة لدى المتتبعين لهذا الملف، هو تجديد سانشيز موقف بلاده من قضية الصحراء المغربية أمام أعلى سلطة في المغرب، وذلك خلال اللقاء الذي جمعه بالملك محمد السادس، الأربعاء21 فبراير 2024 بالقصر الملكي بالرباط.
التعاون الأمني تقوى بين المملكتين خلال 2024
مثل الأعوام السابقة شهد التعاون التعاون الأمني بين إسبانيا والمغرب تطورا ونموا مضطردا، وبات يعتبر مرتكزا أساسيا بين البلدين، عززه التقدم والاستباقية التي تعرفها الأجهزة الأمنية المغربية، وما يعكس جدية هذا التعاون هو تفكيك مجموعة من الخلايا الناشطة على مستوى البلدين بفضل التنسيق المشترك خلال العام الجاري.
وعلى مدى سنوات شكل الجهاز الأمني المغربي تميزا لافتا على مستوى تعاونه مع مجموعة من الشركاء الإسبان، في ظل التسارع الذي تعرفه التحديات المرتبطة بالإرهاب، والجريمة المنظمة العابرة للقارات.
مدريد تؤكد على الأهمية الاستراتيجية للعلاقة مع المغرب
وفي مدريد، تم التأكيد على الأهمية الاستراتيجية للعلاقة مع المغرب، مع تسليط الضوء على التعاون في مجالات رئيسية مثل مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود الوطنية والهجرة.
وقد وصف وزير الشؤون الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، المغرب بـ”الشريك الأساسي” في مجلس الشيوخ، مبرزا مساهمته في الأمن والنسيج الاقتصادي الإسباني.
تضامن مغربي متميز مع اسبانيا على إثر عاصفة “دانا”
على إثر الفيضانات التي اجتاحت عدة مناطق بإسبانيا. أعطى الملك محمد السادس تعليماته السامية لإرسال فرق إغاثة وتقديم كل المساعدة الضرورية لإسبانيا من أجل مواجهة هذه الكارثة الطبيعية.
وهكذا، فقد وصلت قافلة مغربية استثنائية، تضم 24 شاحنة ضخ وشفط و70 عاملا. إلى إسبانيا لدعم جهود الإغاثة وتقديم المساعدة لمنطقة فالنسيا التي تضررت بشدة من العاصفة “دانا”.
وهو الإجراء الذي حظي بتقدير السلطات الإسبانية، بما في ذلك رئيس الحكومة.
كما احتشدت الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا للمشاركة في عمليات الإنقاذ. مما يدل على عمق الارتباط الإنساني بين الشعبين.
إسبانيا الشريك التجاري الرئيسي للمغرب
وفي المجال الاقتصادي، واصلت العلاقات الثنائية تعزيزها. وتبقى إسبانيا الشريك التجاري الرئيسي للمغرب. حيث يتجاوز حجم التبادل 21 ألف مليون أورو، وأكثر من 17 ألف شركة إسبانية تصدر إلى البلد المجاور.
وكانت اللمسة الأخيرة لهذا العام من التعاون المكثف هي الاختيار المشترك للمغرب وإسبانيا والبرتغال لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030.
ولا يؤدي هذا الحدث الرياضي إلى تعزيز العلاقات بين الدول الثلاث فحسب. بل يبرز أيضًا صورة الوحدة والتعاون على الساحة الدولية.
ويمثل التنظيم المشترك لكأس العالم فرصة تاريخية لمواصلة تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة.