24 ساعة – متابعة
إذا كان هناك شكل من التعاون الثنائي المستمر والمستدام، فإن علاقات الرباط بأبيدجان مثالها الحي بامتياز. ودونما أدنى حياد عن هذه القاعدة جاءت سنة 2020، لتعزز أيضا هذا التعاون النموذجي التي ما فتئ البلدان يبذلان جهدهما للحفاظ عليه.
وفي زمن الجائحة، خضعت العلاقة بين الجانبين لسياق ما تفرضه الأزمة الصحية، وواصل محور الرباط أبيدجان خلال السنة الجارية تقليد التشاور والتضامن المعهود بينهما، وفق التميز الذي يطبع علاقاتهما.
فبمجرد ما بدأت جائحة (كوفيد-19) تنتشر داخل إفريقيا موقعة ضحايا هنا وهناك، أجرى الملك محمد السادس اتصالا هاتفيا بالرئيس الإيفواري، الحسن واتارا، ركز فيه على الانتشار المنذر بالخطر للجائحة.
وخلال هذا الاتصال، اقترح الملك إطلاق مبادرة من قبل رؤساء الدول الإفريقية تهدف إلى إرساء إطار عملياتي لمواكبة البلدان الإفريقية في مختلف مراحل تدبير الجائحة.
وفي تجسيد فوري لهذه المبادرة البراغماتية، الموجهة نحو التنفيذ العملي، أعطى الملك تعليماته السامية لتقديم المساعدات الطبية بشكل منسق للعديد من الدول الإفريقية، ومن بينها كوت ديفوار.
وتم استلام المعدات والمنتجات التي تشكل المساعدة المغربية، لدى وصولها إلى مطار أبيدجان، من قبل وزير الخارجية الإيفواري علي كوليبالي ونظيره في الصحة والنظافة العامة، يوجين أكا أويل، حيث أشاد كلاهما بروح التضامن التي طالما جمعت بين البلدين.
وبالاستلهام من الرؤية الملكية للتضامن بين البلدان الإفريقية بشكل عام وبين البلدين على وجه الخصوص، انخرط فاعلون مغاربة يشتغلون فوق الأراضي الإيفوارية، وعلى نحو تطوعي، في تغذية هذه الروح التضامنية بمبادرات نوعية.
وفي هذا السياق، كانت شركة أتلانتيك بيزنس انترناشيونال، وهي فرع المجموعة المغربية للبنك المركزي الشعبي بجنوب الصحراء، قد منحت، مستهل أبريل الماضي، 200 مليون فرنك إفريقي، أي ما يقرب من 305 آلاف أورو، لصندوق التضامن (كوفيد-19) الخاص بكوت ديفوار.
والجدير بالذكر أن هذه المساهمة تعد جزءا من غلاف مالي إجمالي بقيمة 750 مليون فرنك إفريقي (حوالي 1.2 مليون أورو)، مخصص لمحاربة فيروس كورونا في بلدان تواجد المجموعة المغربية بمنطقة الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا وفي جمهورية غينيا.
ومن جهتها، قامت غرفة التجارة والصناعة المغربية في كوت ديفوار، مؤخرا، بتسليم حصص غذائية ل2000 أسرة لدعمها في هذه الظروف الصحية الصعبة.
وبحسب وزيرة التضامن الإيفواري، مارياتو كوني، التي كانت حضرت حفل انطلاق هذه العملية، فإن مثل هذه المبادرات تؤكد مدى “حيوية” و”ثبات” الوضع الممتاز للعلاقات المغربية والإيفوارية.
ومن جانبه، كان رئيس الغرفة، سعد الحمزاوي، لفت الى أن هذا التبرع، الذي تبلغ قيمته حوالي 30 ألف أورو، والموجه لمساعدة 2000 أسرة في أوضاع هشاشة اقتصادية، هو تجسيد لقيم التضامن المتجذرة بقوة في سلوك المغاربة والإيفواريين.
وفي السياق ذاته، كانت غرفة التجارة المغربية انخرطت أيضا مع (جمعية المغاربة المقيمين بكوت ديفوار) في مبادرة إنسانية لتقديم تبرعات غذائية ونقدية إلى حوالي ستين عائلة في كوت ديفوار تواجه صعوبات بسبب تداعيات الجائحة.
وقبل ذلك أيضا بوقت قصير، انخرطت جمعية مغربية أخرى نشطة في كوت ديفوار في نفس التوجه التضامني. كما قدمت جمعية مجلس المغاربة المقيمين في كوت ديفوار مساعدات مالية وغذائية إلى 104 عائلات مغربية وإيفوارية.
وكانت هذه هي المبادرة الثانية من نوعها، بعد عملية أولى استفادت منها، بداية أبريل الماضي، حوالي خمسين أسرة مغربية وإيفوارية.
وتنضاف إلى كل ذلك، مبادرات فردية كثيرة نفذها رجال أعمال مغاربة، بما في ذلك مبادرة قامت بها مقاولة تعمل في مجال صناعة الملابس، تبرعت من خلالها بحوالي 30.000 حصة أدوية لفائدة وزارة الصحة الإيفوارية والصحة العامة.
وفي المحصلة، وبالنظر الى عمق العلاقات المغربية-الإيفوارية على المستويين الرسمي والشعبي، فإن قوة هذه العلاقات لم تضعف في أي من الأوقات، والأمر نفسه في الظرف الراهن، على الرغم مما بات يطبعه من غلبة للمصالح الخاصة، وانكفاء دول عدة فيه على العناية قصرا بمصالحها الخاصة، في تحد لشعارات التضامن التي قد تكون طالما رددتها بسخاء على الأسماع وبملء الصوت في الأوقات العادية.